صلى الله عليه وسلم ، أَن نَعْجُمَ النَّوَى طَبخاً ، وهو أَن نُبالِغَ في طَبْخِه ونُضْجه يَتَفتَّتَ النَّوَى وتَفْسُدَ قُوّتُه التي يَصْلُحُ معها للغنم ، وقيل : المعنى أَن التمر إذا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوته طُبِخَ عَفواً حتى لا يَبلُغَ الطَّبخ النوى ولا يُؤثِّرَ فيه تأْثيرَ مَنْ يَعْجُمُه أَي يَلُوكُه ويَعَضُّه ، لأَن ذلك يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ ، أَو لأَنه قُوتُ الدَّواجِن فلا يُنْضَجُ لئلا وخَطَب الحَجَّاجُ يوماً فقال : إِن أَميرَ المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه فعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها عُوداً ؛ يريد أَنه قد رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها ؛ قال النابغة :فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً [1] أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه وهو يقاتله .والعَجْمُ : عَضٌّ شديدٌ بالأَضراس دُون الثّنايا .وعَجَم الشيءَ يَعْجُمُه عَجْماً وعُجوماً : عَضّه ليَعْلَم صلابَتَه من خَوَرِه ، وقيل : لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة ؛ قال أَبو ذؤيب :وكنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه * بأَطْرافِها ، حتى اسْتدَقَّ نُحولُها يقول : رَكِبَتْني المصائبُ وعجَمَتْني كما عَجَمتِ الإِبلُ العِظامَ .والعُجامةُ : ما عَجَمْتَه .وكانوا يَعْجُمون القِدْح بين الضِّرْسَيْن إذا كان معروفاً بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فيه أثَراً يَعْرفونه به .وعَجمَ الرجلَ : رَازَه ، على المَثَل .والعَجْمِيُّ من الرجالِ : المُميِّزُ العاقلُ .وعَجَمَتْه الأُمورُ : دَرَّبَتْه .ورجل صُلْبُ المَعْجَمِ والمَعْجَمةِ : عزيزُ النفْس إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً .وفي حديث طلحة : قال لعمر لقد جَرَّسَتْكَ الأُمور [2] .وعَجَمَتْك البَلايَا أَي خَبَرَتْك ، من العَجْم العَضّ ، يقال : عَجَمْتُ الرجلَ إذا خَبَرْتَه ، وعَجمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَصُلْبٌ أَم رخْوٌ .وناقةٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ وصلابةٍ وشِدّةٍ على الدَّعْك ؛ وأَنشد بيت المَرَّار :جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ ، * ونُوقٌ عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً ، وحُولُ وقال غيره : ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ ، وأَنكره شمر .قال الجوهري : أي ذاتُ سِمَن وقُوةٍ وبَقِيَّةٍ على السَّير .قال ابن بري : رجلٌ صُلْبُ المَعْجَم للذي إذا أَصابَتْه الحوادثُ وجدته جَلْداً ، من قولك عَودٌ صُلْبُ المَعْجَمِ ، وكذلك ناقة ذاتُ مَعْجَمةٍ للتي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ قَويَّةً على قَطْع الفَلاة ، قال : ولا يُراد بها السِّمَنُ كما قال الجوهري ؛ وشاهده قول المتلمس :جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة ، * تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْس مَعْكومُ والعَجُومُ : الناقةُ القوِيَّةُ على السفَر .والثَّوْرُ يَعْجُمُ قَرْنَه إذا ضَرب به الشجرةَ يَبْلُوه .وعَجِم السَّيْفَ : هزَّه للتَّجْرِبة .ويقال : ما عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كذا أَي ما أَخَذَتْك .ويقول الرجلُ للرجل : طالَ عهدِي بك وما عَجَمَتْك عيني .ورأَيتُ فلاناً فجعلَتْ عيني تعْجُمه أَي كأَنها لا تَعْرِفُه ولا تَمْضِي في معرفته كأَنها لا تُثْبِتُه ؛ عن اللحياني ؛ وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري :كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ ، يَوْماً ، * يَهُودِيٍّ يُقارِبُ أَو يَزِيلُ على أَن البَصيرَ بها ، إذا ما * أَعادَ الطَّرْفَ ، يَعْجُم أَو يَفيلُ
[1] تمام البيت : في حالك اللَّونِ صَدْقٍ ، غير ذي أودِ . [2] قوله [ لقد جرستك الأَمور ] الذي في النهاية : لقد جرستك الدهور وعجمتك الأَمور .