وهذا قريب من قول الكوفيين في الأسماء الستة ، والكلام عليه ما مر هناك [1] ، فان قيل : علامة الاعراب لا تكون الا بعد تمام الكلمة ، وأنتم اخترتم في الأسماء الستة وفي المثنى والمجموع حصولها قبل تمام حروفها ، فالجواب أن حق اعراب الكلمة أن يكون بعد صوغها وحصولها بكمال حروفها وفي آخرها ، لما تقدم من أن الاعراب دال على صفات الكلمة ، فيكون بعد ثبوتها ، فان كان بالحركات فلا بد أن يكون على حرفها الأخير ، ومحل الحركة بعد الحرف ، كما مر ، فتكون الحركة بعد جميع حروف الكلمة ، وأما إذا كان بالحروف التي هي من سنخ الكلمة ، فلا بعد أن يكون الحرف آخر حروفها ، ويكون الاعراب بها أيضا بعد ثبوت جميع حروف الكلمة لأنها انما تجعل اعرابا بعد ثبوت كونها آخر حروف الكلمة ، أما نون المثنى والمجموع ، فالذي يقوي عندي ، أنه كالتنوين في الواحد في معنى كونه دالا على تمام الكلمة ، وانها غير مضافة ، لكن الفرق بينهما ان التنوين مع إفادته هذا المعنى يكون على خمسة أقسام ، كما مر [2] ، بخلاف النون ، فإنه لا يشوبها من تلك المعاني شئ . وانما يسقط التنوين مع لام التعريف لاستكراه اجتماع حرف التعريف مع حرف يكون في بعض المواضع علامة للتنكير ، ولا تسقط النون معها ، لأنها لا تكون للتنكير ، وكذا يسقط التنوين للبناء في نحو : " يا زيد " و " لا رجل " ، بخلاف النون في نحو : " يا زيدان " و " يا زيدون " و " لا مسلمين " و " لا مسلمين " ، لأنها ليست للتمكن كالتنوين .