وأما التوسع في ظرف المتعدي إلى ثلاثة فلم يجوزه إلا الأخفش ، قالوا [1] ، لأنه يخرج إلى غير أصل ، إذ ليس معنا متعد إلى أكثر من ثلاثة . وجوزوا في الافعال الناقصة ، نحو : [2] يوم الجمعة ليس زيد قائما ، هذا ما قالوا ، والذي أرى أن جميع الظروف متوسع فيها ، فقولك : خرجت يوم الجمعة كان في الأصل : خرجت في يوم الجمعة ، كان يوم الجمعة مع الجار مفعولا به بسبب حرف الجر ، ثم صار مفعولا به من غير واسطة حرف في اللفظ ، والمعنى على ما كان عليه . وكذا المفعول له ، هو أيضا مفعول به ، تعدى إليه الفعل بنفسه ، بعد ما تعدى إليه بحرف الجر . فهما مثل " ذنبا " في قولك : استغفرت الله ذنبا [3] ، إلا أن حذف حرفي الجر ، أي : في واللام ، صار قياسا في البابين [4] ، كما كان حذف حرف الجر قياسا مع أن وأن ، وليس بقياس في غير المواضع الثلاثة ، فلا تقول في مررت بزيد ، وقمت إلى عمرو : مررت زيدا وقمت عمرا . وإنما كان قياس في بابي المفعول فيه والمفعول له بالضوابط المعينة لكل منهما ، لقوة دلالتهما على الحرفين المقدرين ، فعلى ما قررنا : المفعول فيه ، والمفعول له ، نوعان من أنواع المفعول به مختصان بالاسمين المذكورين ، . وأما قول المصنف في نحو : يوم الجمعة صمته : ان الضمير لا يجوز أن يكون مفعولا فيه ، إذ هو لا يكون إلا ظرف الزمان أو المكان ، فمنقوض بنحو : خرجت هذا اليوم ، فلفظة " هذا " ههنا ظرف اتفاقا ، بدلالة صفته وقوله : ان الزمان في نحو : مكر الليل ،
[1] أي الذين لم يجوزوه . [2] أي جوزوا مثل هذا التركيب . [3] اعتبره البغدادي أحد الشواهد . لان سيبويه أورد هذا البيت : استغفر الله ذنبا لست محصيه * رب العباد إليه الوجه والعمل وبعد أن شرحه قال إنه من أبيات سيبويه الخمسين التي لم يعرف قائلها . [4] أي في بابي المفعول فيه والمفعول لأجله .