أما غدوة وبكرة ، فقد زعم الخليل إنه إذا قصد بهما التعيين جاز تنوينهما كما في ضحوة ، نحو : أتيتك اليوم غدوة وبكرة ، وكذا قال أبو الخطاب [1] إنه سمع ممن يوثق به : آتيك بكرة ، وهو يريد الاتيان في يومه أو غده ، لكن الأغلب المشهور فيهما ترك التنوين مع التعيين ، كما كانتا كذلك علمين للجنس ، كما يجئ ، فيقدر العلمية فيهما كما في سحر . فالمقصود مما تقدم أن عدم تصرف هذه المعينة مبني على تعيينها من دون علمية ولا آلة تعريف ، وتعينها ، وكذلك ، مستند إلى السماع فلا يقاس عليها في مثل هذا التعيين نحو : شهر وسنة ، وساعة ، وغدية [2] وغيرها ، فلا يثبت ، إذن ، عدم تصرفها [3] . فالظروف الثلاثة عشر المذكورة ، إذا كانت معينة وجب عدم تصرفها وإذا لم تكن معينة كانت متصرفة ، نحو : صيد عليه غدوة ، فإذا تصرفت وأردت تعيينها فلا بد فيها من اللام أو الإضافة ، تقول : رايته عند السحر الاعلى ، ولا تقول عند سحر الاعلى . وأما الكلام في انصراف الظروف وعدم انصرافها فنقول : غدوة وبكرة غير منصرفين اتفاقا وإن لم تكونا معينتين لكونهما من أعلام الأجناس كأسامة ، تقول في التعيين : أتيت اليوم غدوة أو بكرة ، وفي غير التعيين : لقيته العام الأول أو يوما من الأيام [4] غدوة أو بكرة ، فتمنع الصرف في الحالين ، فهو في غير التعيين ، كما تقول : لقيت أسامة ، وإن كنت لقيت واحدا من الجنس غير معين . وقد يجئ الكلام على أعلام الأجناس في باب الاعلام ، وأن علميتها لفظية لا معنى تحتها .
[1] كنيته الأخفش الأكبر ، واسمه : عبد الحميد بن عبد المجيد ، وهو من شيوخ سيبويه ، نقل عنه كثيرا في كتابه ، وهو من علماء الطبقة الثالثة في نحاة البصرة ، توفي سنة 177 ه . [2] تصغير غدوة . [3] أي نحو شهر وسنة الخ . [4] فيكون : العام الأول أو يوما من الأيام قرينته على عدم التعيين .