153 - فلا حسبا فخرت به لتيم * ولا جدا إذا ازدحم الجدود [1] وكذا ما زيدا ضربته . وإنما اختير النصب فيها مع جواز الرفع ، لأن النفي في الحقيقة لمضمون الفعل ، فايلاؤه لفظا أو تقديرا لما ينفي مضمونه أولى ، وليس " لم " و " لما " و " لن " من هذه الجملة [2] ، إذ هي عاملة في المضارع ، ولا يقدر معمولها لضعفها في العمل ، فلا يقال : لم زيدا تضربه ، ولا : لن بكرا تقتله ، كما يقال : إن زيدا تضربه أو ضربته ، لقوة " إن " بجزمها للفعلين ، وأما ليس ، فيمن قال أنه حرف ، فليس أيضا من هذا الباب ، لان ما بعده واجب الرفع بكونه اسمه والجملة بعده خبره ، نحو : وليس زيد ضربته ، وبعض من قال بحرفيتها جوز إلغاءها عن العمل ، الغاء " ما " [3] ، استدلالا بقولهم : ليس الطيب إلا المسك كما يجئ في باب " ما " ، ويحمل عليه قولهم : ليس خلق الله مثله ، أي ما خلق الله . . فيجيز : ليس زيدا ضربته ، على إلغاء " ليس " . والوجه أن ليس خلق الله . . من باب توجيه الفعلين إلى مرفوع واحد ، وخلق ، خبر ليس ، ويجوز أن يكون اسم ليس ، فيه [4] وفي قولك : ليس زيدا ضربته : ضمير الشأن ، والمفسر جملة فعلية ، كما في قوله تعالى : " فإنها لا تعمي الابصار " [5] . قوله : " وحرف الاستفهام " ، علة أولويته بالفعل كعلة أولوية حرف النفي به ، قال سيبويه : ليس جواز الرفع في الهمزة كجوازه في نحو : قام زيد وعمرو كلمته ، يعني أن
[1] روي بالوجهين : الرفع والنصب . وهو من شعر جرير يهجو الفرزدق وفي هذه القصيدة يقول جرير : ويقضي الامر حين تغيب تيم * ولا يستأذنون وهم شهود وفيها أيضا : أتيما تجعلون إلى تميم * بعيد فضل بينهما بعيد [2] أي من جملة حروف النفي التي يترجح النصب بعدها . [3] أي مثل إلغاء " ما " . [4] أي في المثال : ليس خلق الله مثله . [5] الآية 46 من سورة الحج .