هذه الجملة الاسمية بمعنى الفعل والفاعل ، فهي بمعنى يصوت ، لأنها تدل على المصدر الحادث وعلى ما قام به ذلك المصدر ، وقد اقترن بالجملة ما دل على زمان ذلك المصدر الحادث أي الحال الماضية ، وهو لفظ مررت ، في مسألتنا ، فالمجموع كالفعل والفاعل وهذا وجه قوي . وقد قيل إن العامل في المصدر المنصوب : الاسم الذي بمعناه في الجملة المتقدمة ، لان المعنى : فإذا له تصويت والتصويت مصدر يعمل عمل فعله إذا لم يكن مفعولا مطلقا ، كما يجئ في باب المصدر [1] ، فهو كما تقول عجبت من ضربك ضرب الأمير ، وكقولك : ضربك ضرب زيد خير من ضرب عمرو ضربه . وفي هذا تردد ، لان المصدر عندهم لا يعمل عمل الفعل إلا إذا صح تقديره بان وفعل منه ، ويسمج ، لو قلت : مررت فإذا له أن يصرخ صراخ الثكلى ، بمعنى له صراخ فإنه قطع بحصول الفعل [2] . وعلى الوجهين الآخرين لا يكون من هذا الباب ، لان عامله ظاهر ويجوز أن يدعي القول الثاني من هذه الأقوال الثلاثة في نحو قوله تعالى : " صنع الله " [3] ، و " وعد الله " [4] و " كتاب الله " [5] ، وصبغة الله [6] لان قبلها ما يؤدي معنى أفعالها ، فيقال : هذه المصادر منصوبة بالمذكورة قبلها ، لقيامها مقام أفعالها . وأجاز غير سيبويه رفع هذا المصدر المنصوب أعني نحو : صوت حمار وصراخ الثكلى ، إما على البدل وإما على الوصف وذلك على أحد وجهين : قال الخليل [7] : على حذف المضاف ،
[1] المراد باب المصدر من هذا الكتاب فقد تحدث فيه عن المصدر واعماله عمل الفعل . وأما باب المصدر من جهة أوزانه المختلفة فهو في شرحه على الشافية لابن الحاجب أيضا . [2] يعني أن جملة له أن يصوت أو يصرخ لا تعطي قطعا بحصول الفعل بخلاف له صراخ . [3] الآية 88 من سورة النحل . [4] الآية 5 من سورة الروم . [5] الآية 24 من سورة النساء . [6] الآية 138 من سورة البقرة وتقدم معظم ما هنا . [7] هذا منقول عن الخليل في كتاب سيبويه ج 1 ص 181 .