ما كان في الأصل صوتا ، وإن لم يبين بالجار نحو : أيها ، أي كفا ، وويها أي زيادة . وذلك أن الأصوات بعيدة من الاشتقاق والتصرف ، والمصدر أصل في باب التصرف والاشتقاق ، إذ جميع أنواع الافعال والأسماء المتصلة بها صادرة عنه [1] على الصحيح من المذهب ، فلما صار ما لا يشتق منه قائما مقام المشتق منه قطع عنه الفعل الناصب له نصب المفعول المطلق لأنه في الأغلب يكون مشتقا من مفعوله المطلق . والأصوات القائمة مقام المصادر ، يجوز اعرابها نصبا ، إلا أن تكون على حرفين ثانيهما حرف مد ، نحو : وي لزيد ، وذلك نحو آها وواها ، وويها ، ويجوز إبقاؤها على البناء الأصلي ، نحو " أف " لكما " [2] ، وأوه على إخواني ، وآه من ذنوبي . والظاهر أن : ويلك وويحك ، وويسك وويبك ، من هذا الباب ، وأصلها كلها : وي على ما قال الفراء ، جئ بلام الجر بعدها مفتوحة مع المضمر ، نحو : وي لك ووي له ، ثم خلط اللام بوي ، حتى صارت لام الكلمة ، كما خلط اللام بيا ، في قوله : 83 - فخير نحن عند الناس منكم * إذا الداعي المثوب قال يالا [3] فصار معربا باتمامه ثلاثيا [4] ، فجاز أن يدخل بعدها لام أخرى ، نحو ويلا لك ، لصيرورة الأولى لام الكلمة ، ثم نقل إلى باب المبتدا ، فقيل ويل لك ، كما قيل في سلام عليك ، ثم جعل ويح ، وويب ، وويس ، كنايات عن ويل ، وهذا كما قالوا : قاتله الله بمعنى
[1] ومن الأدلة على ذلك تسميته مصدرا ، أي مكان الصدور لان غيره صدر عنه كما قال الشارح . ويضطر الكوفيون إلى أن يقولوا - على مذهبهم - ان كلمة ( مصدر ) مصدر ميمي وليست اسم مكان . وان المصدر الميمي مؤول باسم الفاعل أي الصادر عن غيره وفيه من التكلف ما لا يخفى . [2] الآية 17 من سورة الأحقاف . [3] المثوب معناه المستغيث الذي يدعو الناس لنصرته وأصله أنه كان يلوح بثوبه ليراه الناس فيغيثونه . وبعده : ولم تثق العواتق من غيور * بغيرته وخلين الحجالا وهما بيتان أوردهما أبو زيد الأنصاري في نوادره ونسبهما إلى زهير بن مسعود الضبي كما قال البغدادي في الخزانة [4] أي بعد أن أصبح ثلاثيا .