النفي تفيد العموم ، فقولك " أحد " عم جنس الانس ، حيث لم يبق أحد منهم . ففيه نظر ، وذلك أن التخصيص : أن يجعل لبعض من الجملة شئ ليس لسائر أمثاله ، وأنت إذا قلت : ما أحد خير منك ، فالقصد أن هذا الحكم وهو عدم الخيرية ثابت لكل فرد فرد ، فلم يتخصص بعض الافراد ، لأجل العموم ، بشئ ، وكيف ذلك ، والخصوص ضد العموم ، بل الحق أن يقال : إنما جاز ذلك ، لأنك عينت المحكوم عليه ، وهو كل فرد فرد ، ولو حكمت بعدم الخيرية على واحد غير معين لم يحصل للمخاطب فائدة لعدم تعين المحكوم عليه ، أما إذا بينت أن حكمي على الواحد : حكمي على كل فرد فرد فقد تعين المحكوم عليه ، وهو كل فرد فرد ، وكذلك كلمات الشرط ، نحو : من صمت نجا ، تحصل الفائدة فيها بسبب التعين الحاصل من العموم ، لا بسبب تخصصها بشئ . وقد اضطربت أقوالهم فيها ، فاختار الأندلسي أن الخبر هو الشرط دون الجزء ، لجواز خلوه من الضمير إذا ارتفعت كلمة الشرط بالابتداء ، دون الشرط ، فإنه إذا ارتفعت كلمة الشرط على الابتداء فلا بد للشرط من ضمير نحو : من قام قمت ، وفي الدعاء : من كان الناس ثقته ورجاءه فأنت ثقتي ورجائي . وقيل : الخبر هو الشرط والجزاء معا ، لصيرورتها بسبب كلمة الشرط ، كالجملة الواحدة . وقيل كلمة الشرط مبتدأ لا خبر له . هذا ما قيل فيها ، ويمكن أن يقال ، على مذهب سيبويه : إن كلمات [1] الشرط والاستفهام كانت مع حروف الشرط وحرف الاستفهام ، فحذفا لكثرة الاستعمال ، على ما ذكرنا في حد الاسم : إن كلمات [2] الشرط إما فاعلة لفعل مقدر ، أو مفعولة له ، أو للظاهر ،
[1] بيان لمذهب سيبويه . [2] مرتبط بقوله : ويمكن أن يقال .