وطلب الأول للمفعولية فالواجب حذف المفعول . وافق البصريون ههنا الكسائي في حذف المفعول بخلاف الفاعل ، لان الحذف هناك أيضا ، كان الوجه ، للزوم الاضمار قبل الذكر إلا أنه تعذر ، لان الفاعل لا يحذف ، وفي المفعول : هذا المانع مرتفع لأنه فضلة يحذف في السعة ، فكيف مع مثل هذا المحوج ، أي الاضمار قبل الذكر ، قوله : " إن استغنيت عنه " في مثل ضربت وأكرمني زيد ، لا تقول : ضربته وأكرمني زيد . وقال المالكي [1] : يجوز ذلك على قلة . قوله : " والا أظهرت " يعني إن لم تستغن عن المفعول أظهرت ، وذلك لكونه أحد مفعولي باب " عملت " مع ذكر الاخر ، فإنه لا يجوز حذفه على ما هو المشهور عندهم ، وذلك لكون مضمون الفعلين هو المفعول الحقيقي ، لان المعلوم في قولك علمت زيدا قائما : مصدر المفعول الثاني مضافا إلى الأول ، أي علمت قيام زيد ، بخلاف مفعولي " أعطيت " فإن كل واحد منهما مفعول به ، إذ زيد في قولك أعطيت زيدا درهما : معطي ، وكذا الدرهم ، ولا يجوز ، أيضا إضماره لكونه إضمارا قبل الذكر في المفعول لا في الفاعل ، فلم يبق بعد تعذر الحذف والاضمار ، إلا الاظهار . واعترض على هذا بأنه يجوز في السعة وإن كان قليلا ، حذف أحد مفعولي باب علمت عند قيام القرينة ، لان كل واحد منهما في الظاهر منصوب برأسه ، ظاهر في المفعولية ، كمفعولي أعطيت . وقد جاء ذلك في القرآن والشعر ، قال الله تعالى : " ولا يحسبن الذين يبخلون بما
[1] نقل الرضى في هذا الشرح في مواضع كثيرة عن الامام جمال الدين بن مالك النحوي المعروف صاحب الألفية والتسهيل . . وسماه كثيرا باسم المشهور : ابن مالك : وجاءت بعض نقوله منسوبة إلى المالكي ، كما هنا . ولم أجد من اسمه المالكي من النحويين ممن سبقوا الرضى أو عاصروه وقد رجحت أنه يقصد بقوله المالكي : ابن المالك أيضا . إذ أن بعض ما نقله منسوبا إلى المالكي معروف أنه من آراء ابن مالك . وفي هذا الموضع بالذات وجدت هذا الرأي منسوبا إلى ابن مالك في التسهيل وان كان في الألفية أوجب الحذف . انظر شرح الأشموني في باب التنازع . وليس عجيبا أن ينقل الرضى عن ابن مالك المعاصر له فقد نقل عن غيره من المعاصرين ومنهم منصور بن فلاح الذي عبر عنه بصاحب المغني انظر ص 92 من هذا الجزء ،