وقد خالف بعض الأصوليين في إفادته الحصر ، استدلالا بنحو قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " ، و " إنما الولاء للمعتق " . وأجيب بان المراد في الخبرين : التأكيد ، فكأنه ليس عمل إلا بالنية ، وليس الولاء إلا بالعتق ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " . وجوب تأخير الفاعل قال ابن الحاجب : " وإذا اتصل به ضمير مفعول أو وقع بعد " إلا " أو معناها " . " أو اتصل مفعوله وهو غير متصل ، وجب تأخيره " . قال الرضى : بيان لما يعرض فيوجب مخالفة الأصل أي تأخير الفاعل عن المفعول ، قوله : " اتصل به " أي بالفاعل ضمير مفعول راجع إلى مفعول وجب تأخير الفاعل عند الأكثرين ، ومثاله : ضرب زيدا غلامه ، إذ لو قدمته لكان إضمارا قبل الذكر لفظا وأصلا ، كما مر [1] . وينبغي أن يجوز عند الأخفش وابن جنى كما تقدم [2] . وكذا الحكم لو اتصل ضمير المفعول بصلة الفاعل أو صفته ، نحو : ضرب زيدا الذي ضرب غلامه ، وأكرم هندا رجل ضربها . هكذا قيل ، ولو قيل يجوز أكرم هندا رجل ضربها لجاز ، لان الفصل بين الوصف والموصوف بالأجنبي غير ممتنع ، بخلاف الصلة والموصول ، إذ الاتصال الذي بين الأولين أقل مما بين الأخيرين .
[1] في الكلام على وجوب تقديم الفاعل وتأخير المفعول ص 187 من هذا الجزء . [2] الموضع المتقدم .