وكقوله : 44 - لا أشتهي يا قوم إلا كارها * باب الأمير ولا دفاع الحاجب [1] أضمروا له عاملا آخر من جنس الأول ، أي قامت النوائح ، وأشتهي باب الأمير كارها . والكسائي جوز مطلقا عمل ما قبل " إلا " فيما بعد المستثنى بها سواء كان العمل رفعا أو نصبا ، صريحا كان النصب كما ذكرنا ، أو ، لا ، كما في قولك : ما مررت إلا راكبا بزيد ، في الشعر وفي غيره بلا تقدير ناصب ولا رافع . وابن الأنباري جوز رفع ما بعد المستثنى فقط ، دون النصب . فتبين لك ، على هذا ، أن ما قبل " إلا " لا يعمل فيما بعد المستثنى على الأصح سواء كان ذلك أيضا ، مستثنى ، أو ، لا ، كما مضى ، فلا يجوز في : ما ضرب زيد إلا عمرا : ما ضرب عمرا إلا زيد . وإنما قلت في بيان المسألة : معمولا خاصا لأنه إذا كان المعمول عاما . نحو : ما ضرب أحد إلا زيدا فلا يقال إن مضروبية زيد باقية على الاحتمال ، لأنه لم يبق بعد " أحد " شئ يمكن أن يضرب زيدا ، كما كان في : ما ضرب زيد إلا عمرا : أمكن أن يضرب عمرا غير زيد . قوله : أو معناها يعني ما في " إنما " من معنى الحصر . وذلك أن المشهور عند النحاة والأصوليين أن معنى : إنما ضرب زيد عمرا : ما ضرب زيد إلا عمرا ، فان قدمت المفعول على هذا ، انعكس الحصر ، كما ذكرنا في : ما ضرب زيد إلا عمرا .
[1] من أبيات لموسى بن جابر الحنفي من بني حنيفة وبعده بيتان يقول فيهما : ومن الرجال أسنة مذروبة * ومزيدون شهودهم كالغائب منهم أسود لا ترام وبعضهم * مما قمشت وضم حبل الحاطب أما معنى البيت فواضح ووجه الاستشهاد به بينه الشارح .