responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح ابن عقيل نویسنده : ابن عقيل الهمداني    جلد : 1  صفحه : 284


ومما ظاهره أنه مثل " كان طعامك آكلا زيد " قوله :
68 - فأصبحوا والنوى عالي معرسهم وليس كل النوى تلقي المساكين


68 - البيت لحميد الأرقط ، وكان بخيلا ، فنزل به أضياف ، فقدم لهم تمرا ، والبيت من شواهد كتاب سيبويه ( ج 1 ص 35 ) وقبله قوله : باتوا وجلتنا الصهباء بينهم * كأن أظفارهم فيها السكاكين اللغة : " جلتنا " بضم الجيم وتشديد اللام مفتوحة - وعاء يتخذ من الخوص يوضع فيه التمر يكنز فيه ، وجمعه جلل - بوزن غرفة وغرف - ويجمع أيضا على جلال ، وهي عربية معروفة " الصهباء " يريد أن لونها الصهبة ، قال الأعلم في شرح شواهد سيبويه : الجلة قفة التمر تتخذ من سعف النخل وليفه ، فلذلك وصفها بالصهبة ، اه‌ ، " فأصبحوا " دخلوا في الصباح " معرسهم " اسم كان من " عرس بالمكان " - بتشديد الراء مفتوحة - أي نزل به ليلا . المعنى : يصف أضيافا نزلوا به فقراهم تمرا ، يقول : لما أصبحوا ظهر على مكان نزولهم نوى التمر كومة مرتفعة ، مع أنهم لم يكونوا يرمون كل نواة يأكلون تمرتها ، بل كانوا يلقون بعض النوى ويبلعون بعضا ، إشارة إلى كثرة ما قدم لهم منه ، وكثرة ما أكلوا ، ووصفهم بالشره . الاعراب : " فأصبحوا " فعل وفاعل " و " حالية " النوى " مبتدأ " عالي " خبره ، وعالي مضاف ومعرس من " معرسهم " مضاف إليه ، ومعرس مضاف والضمير مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال من الواو في أصبحوا " ليس " فعل ماض ناقص ، واسمها ضمير الشأن " كل " مفعول به مقدم لقوله " تلقي " وكل مضاف ، و " النوى " مضاف إليه " تلقي " فعل مضارع " المساكين " فاعل تلقي ، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر ليس ، وهذا الاعراب جار على الذي اختاره العلماء كما ستعرف . الشاهد فيه : قوله " وليس كل النوى تلقي المساكين " ولكي يتضح أمر الاستشهاد بهذا البيت تمام الاتضاح نبين لك أولا أنه يروى برفع كل وبنصبه ، ويروى " يلقي المساكين " بياء المضارعة كما يروى " تلقي المساكين " بالتاء ، فهذه أربع روايات . أما رواية رفع " كل " - سواء أكانت " وليس كل النوى يلقي المساكين " - أم كانت " وليس كل النوى تلقي المساكين " فليس فعل ماض ناقص ، وكل : اسم ليس ، وكل مضاف ، والنوى : مضاف إليه ، ويلقي أو تلقي : فعل مضارع ، والمساكين : فاعله ، وجملة الفعل والفاعل في محل نصب خبر ليس ، ولا شاهد في هذا البيت على هاتين الروايتين لما نحن فيه ، وليس فيه إيهام لأمر غير جائز ، غير أن الكلام يحتاج إلى تقدير ضمير يربط جملة خبر ليس باسمها ، وأصل الكلام : وليس كل النوى يلقيه المساكين ، أو تلقيه المساكين . فإن قلت : كيف جاز أن يروى " تلقيه المساكين " بتأنيث الفعل مع أن فاعله مذكر ، إذ المساكين جمع مسكين . فالجواب عن ذلك : أن المساكين جمع تكسير ، وجمع التكسير يجوز في فعله التذكير والتأنيث بإجماع النحاة بصريهم وكوفيهم ، سواء أكان مفرد جمع التكسير مذكرا أم كان مفرده مؤنثا ، ومن ورود فعله مؤنثا - مع أن مفرده مذكر - قول الله تعالى : ( قالت الاعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا ، ولكن قولوا أسلمنا ) فإن مفرد الاعراب أعرابي . وأما رواية نصب كل والفعل " يلقي " بياء المضارعة ، فليس : فعل ماض ناقص ، واسمها ضمير شأن محذوف ، وكل مفعول مقدم ليلقي ، وكل مضاف والنوى : مضاف إليه ، ويلقي : فعل مضارع ، والمساكين : فاعله ، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر ليس ، ولا يجوز في البيت على هذه الرواية غير هذا الوجه من الاعراب ، نعني أنه لا يجوز أن يكون قوله المساكين اسم ليس مؤخرا ، ويلقي فعلا مضارعا فاعله ضمير مستتر يعود إلى المساكين ، وجملة يلقي وفاعله في محل نصب خبر ليس تقدم على اسمها . فإن قلت : فلم لا يجوز أن يكون المضارع مسندا إلى ضمير مستتر يعود إلى المساكين إذا روى البيت " وليس كل النوى يلقي المساكين " بنصب كل ؟ فالجواب أن ننبهك إلى أن الفعل المسند إلى ضمير يعود إلى جمع التكسير لا يجوز أن يكون كفعل الواحد المذكر ، فأنت لا تقول : الاعراب قال ، ولا تقول : المساكين يلقي ، وإنما يجوز فيه حينئذ أن يكون ضمير الجماعة : فتقول : الاعراب قالوا ، وتقول المساكين يلقون ، ويجوز فيه أن يكون مثل فعل الواحد المؤنث ، فتقول : الاعراب قالت : أو تقول : المساكين ألقت أو تلقي ، وكذا إذا تقدم الفعل وأسند إلى ضمير جمع التكسير المؤخر عنه يجب أن تقول : يلقون المساكين ، أو تقول : تلقون المساكين ، أو يقول تلقي المساكين ، فلما لم يقل شيئا من ذلك علمنا أنه أسنده إلى الاسم الظاهر بعده . وأما رواية نصب " كل " والفعل " تلقي " بالتاء الفوقية فالكوفيون يعربونها هكذا - كل : مفعول مقدم لتلقي ، وكل مضاف والنوى : مضاف إليه ، وتلقي : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المساكين ، والجملة من الفعل وفاعله المستتر فيه في محل نصب خبر ليس تقدم على اسمه ، والمساكين : اسم ليس تأخر عن خبره ، ويستدل الكوفيون بهذا البيت - على هذا الاعراب - على أنه يجوز أن يقع بعد ليس وأخواتها معمول خبرها إذا كان خبرها مقدما على اسمها ، كما في البيت . والبصريون يقولون : إن هذا الاعراب غير لازم في هذا البيت ، وعلى هذا لا يكون البيت دليلا على ما زعمتم ، والاعراب الذي نراه هو أن يكون ليس فعلا ناقصا ، واسمه ضمير شأن محذوف ، وكل : مفعول مقدم لتلقي ، والنوى : مضاف إليه ، وتلقي فعل مضارع ، والمساكين : فاعله ، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر ليس ، والتقدير : وليس ( هو : أي الحال والشأن ) كل النوى تلقي المساكين ، فلم يقع بعد ليس معمول خبرها عند التحقيق ، بل الواقع بعدها هو اسمها المحذوف وموضعه بعدها وإذا علمت هذا فاعلم أن ابن الناظم قد استشهد بهذا البيت لمذهب الكوفيين على الوجه الذي ذكرناه عنهم من الاعراب ، فأنكر العيني عليه ذلك ، وقال : وهذا وهم منه ، لأنه لو كان المساكين اسم ليس لقال " يلقون المساكين " كما تقول : قاموا الزيدون ، على أن الجملة من الفعل وفاعله خبر مقدم ، والاسم بعدها مبتدأ مؤخر ، والبيت لم يرو إلا " يلقي المساكين " بالياء التحتية ، واسم ليس في هذا البيت ضمير الشأن عند الكوفيين والبصريين ، اه‌ كلامه بحروفه . والعبد الضعيف غفر الله له ولوالديه ! - يرى أن في كلام العيني هذا تحاملا على ابن الناظم لا يقره الانصاف ، وأن فيه خللا من عدة وجوه . الأول : أن قوله " والبيت لم يرو إلا يلقي المساكين بالياء التحتية " غير صحيح ، فقد علمت أنه يروى بالياء التحتية والتاء الفوقية ، وهذه عبارة الشارح العلامة تنادي بأنه قد روى بالتاء ، وأن الاستشهاد بالبيت لمذهب الكوفيين إنما يتجه على رواية التاء ، فكان عليه أن يمسك عن تخطئته في الرواية ، لان الرواية ترجع إلى الحفظ لا إلى العقل ، ولا شك أنه اطلع على كلام شارحنا لأنه شرح شواهده . الثاني : في قوله " ولو كان المساكين اسم ليس لقال يلقون المساكين " ليس بصواب ، إذ لا يلزم على كون المساكين اسم ليس أن يقول الشاعر : يلقون المساكين ، بل يجوز له أن يقول ذلك ، وأن يقول : تلقي المساكين ، كما بينا لك ، وقد قال العبارة الثانية على رواية الجماعة من أثبات العلماء . الثالث : أن تنظيره بقوله " كما تقول قاموا الزيدون ، على أن الجملة خبر مقدم والاسم بعدها مبتدأ مؤخر " ليس تنظيرا صحيحا ، لان الاسم في الكلام الذي نظر به جمع مذكر سالم ، ومذهب البصريين أنه لا يجوز في فعله إلا التذكير ، فلم يتم له التنظير ، والله يغفر لنا وله ! ! ومن مجموع ما قدمنا ذكره من الكلام على هذا البيت تتبين لك خمسة أمور : الأول : أن ثلاث روايات لا يجوز على كل رواية منها في البيت إلا وجه واحد من وجوه الاعراب . الثاني : أنه لا شاهد في البيت لمذهب الكوفيين على كل رواية من هذه الروايات الثلاث . الثالث : أن استشهاد الكوفيين بالبيت على ما ذهبوا إليه لا يجوز إلا على الرواية الرابعة ، وهي " وليس كل النوى تلقي المساكين " . الرابع : أن البيت يحتمل على الرواية الرابعة وجها من الاعراب غير ما أعربه عليه الكوفيون . الخامس : أن استدلال الكوفيين بالبيت لم يتم ، لان الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ، وأنت خبير أن الاستدلال والاستشهاد غير التمثيل .

284

نام کتاب : شرح ابن عقيل نویسنده : ابن عقيل الهمداني    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست