طالما وقفوا في السفرة حيث لا يحسن الوقوف . وكم سمعت لهم عند رؤية الثريد غنة تنبىء عن معرفتهم بمخارج الحروف . يستجيدون في اللقم الادغام . ولا يقنعون من الطبائخ بالاشمام . لهم في تسهيل النجم تدقيق . وعند تفخيم الهضبات ترقيق . فأما فلان فللوغد عند صوته فخامه . ومتى أنشد قصيدة ظن السامع أنها الحاقة أو القيامة . لا يحسن القصص . ولا يجيد الفاتحة ولا المخلص . ليس له حجر إبراهيم . ولا عرفات بالطلاق والتحريم . يروم أن ينظم ما حرروه لقمان من الحكم . فيأتي من كهف خياله بقصة يونس وما لقي من الألم . فسبحان من أسرى بعقله من تلك الثياب . وصيره ضحكة بين الأحزاب . وأما فلان فما أحقه أن يتلى له الواقعة . ويرمي بجميع ما قاله في القارعة . لأن البقرة عنده انسان . وله عند الأنفال نضنضة افعوان . طالما نسجت على شعره العنكبوت . وضاقت بما قاله المنازل والبيوت . وتبرم به البلد . واستجار بالمعوذات منه كل أحد . يحب التكاثر ويبخل بالماعون . ويحضر الجمعة هو والمنافقون . وأما فلان وإن عز ببابه الغاشيه . وأعجب قاعداً بالانشاد على ركبه الجاثية . وادعى أنه فرد العصر . وأنه لا يأتي الزمان بمثل إلى الحشر . فإنه يستعين في زخرف نظمه بالزمر . وكثيراً ما تراه لا يفرق في البروج بين النجم والشمس والقمر . فإذا رأيته يزمزم بالفتح في الكلام . ويتشبه بمحمد عليه الصلاة والسلام . فنعوذ بالله من جهل كالليل المظلم . وانسان في صورة الفيل المفلم . نعم أجمع أهل الشورى على أن يذري جميع ما قالوه في الذاريات . ويحال جوائزهم فيه على النازعات . ويؤمروا بالحج والتوبه . وأن لا يكون لهم إلى تعاطي الشعر من أوبه . ويخوفوا بالنبأ . وتتلى عليهم الأواخر من سبأ . وقد نظم المملوك قصيدة صعد بها الأعراف . وأتى فيها من أوصاف النساء بمحاسن الأوصاف . وأجاد فيها تشبيه العذار بالدخان والأرداف بالأحقاف . ووشحها بتقاصير الحكم . وعوذها من الناس بتبارك وحصنها من الجن بالقلم . وقطع في تنقيح مرسلات أمثالها شطر الدهر . واشتغل بتنميقها عن رعاية القدر في ليالي هذا الشهر . قضاء لحق نعمتك التي أحلتني الطور . وأقبستني النور . فإن تقض بالفرق بين شعري وشعرهم فكرتك الممتحنة . وتحقق أن فضل قافيتي على قوافيهم كالضحى مردوفة بالبينة . وتميز بين النظمين بالتباين . وإلا وقع في المعارج التغابن . وربما قطعت عليهم النشيد . وبرزت في الصف شاكاً في الحديد . لا زال النصر قرين لوائك .