وفي دقة معانيه يتيه قلب المعنى ويهيم . ومن طوقه ترى طوراً حلبة الكميت وأخرى ديوان الصبابه . وعن نهجه لا يعدل من سلك في الهوى مسالك الإجادة والإصابة . فذكرني شوقاً وما كنت ناسياً * ولكنه تجديد ذكر على ذكر والمأمول عدم العدول عن سنن المخاطبة بألسنة الأقلام . فإن ذلك اطفاء نائرة الآلام . وايقاد نبراس مشكاة الافهام . ولا يمنع مولانا من ذلك ما ذكره من عدم توفر الكتب الأدبية لديه . وفقد ما يرجع إليه في هذا الباب أو يعول عليه . فإن مولانا هو المجموع الجامع لفنون الأدب . الفائز بحيازة أساليب كلام العرب . وفي طبعه السليم ما يغنى عن حدائق المنثور وقلائد العقيان . وفي جوهر ذاته ما يكتفي به عما يؤثر من بلاغة قس وسحبان . وما تشبث به مولانا من البداوة التي استدعت خلافة طبائع الاعراب . واستبعث العدول عن جارة الصواب في صنعة الأدب وصناعة الاعراب فشواهد بعد اثرها من مولانا ظاهرة وباديه . ولطافة تلك الذات الكريمة قد طبعت في مرآة قلوب الحاضرة والباديه . هيهات أن تصدر هذه اللطائف الأدبية عمن يكون غذاؤه في الفيافي الأكمؤ والعساقل . لا بل تلك نتائج أفكار من ارتضع ثدي العلوم ونشأ في حجر الأفاضل . هذا ولا يخفى أن المخلص تيسر له الحوض في الأبحر الشعرية على وجه سلم من العوارض والعلل . وأنشد الفكر لما سبح في لجج بحره المديد لحظ أنا الغريق فما خوفي من البلل . فتوفر لنا من ذلك النصيب الكامل والحظ الوافر . وامتازت الأبحر المتشابهة عن بعضها وصار الفرق مثل الصبح ظاهر . والمأمول من كرم الله أن ييسر لنا نيل الفضائل على الوجه الأكمل . وأن يسهل لدينا كل ما أشكل من العلوم وأعضل . وينظمنا في سلك من يرى احياء رسوم السلامة من الأمور المهمة . ويصرفنا مجرد الافتخار بالعظم الرميم مع الافتخام في ظلم الجهالة المدلهمه . لنصير كمن وفق لتشييد ما أسسه الأوائل . وحق له أن يتمثل في هذا المقام بقول القائل . لسنا وإن أحسابنا كرمت * يوماً على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا * تبني ونفعل مثل ما فعلوا وإليكم المعذرة في مقابلة تلك الجواهر بما قد شابه الشبه والودع . وفي معاوضة تلك المقدمات المسلمة بالكلمات التي سقط جميعها عن حيز الاعتبار فليت مما يقال فيه خذ ما صفا ودع . . فقد كتبت بغاية الانفعال والخجل . ونمقت في إبان تسلط سلطان