والملكُ بعد أبي ليلى لمن غلبا وأول مَنْ فتَحَ الباب في الجمع بين تهنئة وتعزية عبدُ الله بن همام ، فَوَلجه الناس ، ومن جيِّد ما قيل في ذلك قصيدةُ أبي تمام الطائي يمدح الواثقَ ويرثي المعتصم ، يقول فيها : الكامل : إن أَصْبحَتْ هضباتُ قُدْسَ أزالها . . . قدَرٌ فما زالتِ هِضابُ شمامِ [1] أو يُفْتقدْ ذو النون في الهَيْجَا فقد . . . دَفَعَ الإلهُ لنا عن الصَّمام أو كنت منا غاربا غدوا فقد . . . رُحْنا بأسْمَى غَاربٍ وسنام [2] تلك الرزيّةُ لا رزية مثلها . . . والقَسْمُ ليس كسائرِ الأقسام [3] وهذا المعنى كثير . وكان معاوية ، رحمه الله ، قد تركَ قولَ الشعرِ في آخر عمره ، فنظر يوماً إلى جاريةٍ في داره ذات خَلْق رائع ، فدعاها فوجدها بِكراً فافترعها ، وأنشأ يقول : الوافر : سئمت غوايتي فأَرَحْتُ حِلمي . . . وفيَّ عَلَى تحمّلِيَ اعتراضُ على أني أجيب إذا دَعَتْني . . . ذواتُ الذَلِّ والْحَدق المِراضُ فِقرُ لجماعة الصحابة والتابعين رضي اللّه عنهم ابن عباس : الرخصة من الله صدقة ، فلا تردُوا صدقته [4] . لكل داخل هيبة فابدأُوه بالتحية ، ولكل طاعم حشمة فابدأُوه باليمين . ابن مسعود رحمه اللّه : الدنيا كلها همومٌ ، فما كان منها في سرور فهو ربح . عمرو بن العاص : مَن كثر إخوانه كَثُر غُرَماؤه . وقال : أكْرِمُوا سفهاءَكم ، فإنهم يكفونكم العارَ والنار . المغيرة بن شعبة : العيشُ في بقاء الْحِشْمَة . في كل شيء سَرَف إلاَ في المعروف .
[1] شمام : اسم جليل لباهلة [2] الغارب : الكاهل [3] القسم : النصيب [4] الرخصة : تسهيل الله للعبد فيما يخففه عليه كقصر الصلاة ، وإباحة الفطر للمسافر