ابن صوحان [1] ، وخالد بن صفوان [2] ، ونظائرهما ؛ إذ كانت هذه أجمل لفظا ، وأسهل حفظا . وهو كتاب يتصرّف الناظر فيه من نثره إلى شعره ، ومطبوعه إلى مصنوعه ، ومحاورته إلى مفاخرته ، ومناقلته [3] إلى مساجلته [4] ، وخطابه المبهت [5] إلى جوابه المسكت ، وتشبيهاته المصيبة إلى اختراعاته الغريبة ، وأوصافه الباهرة إلى أمثاله السائرة ، وجدّه المعجب [6] إلى هزله المطرب ، وجز له الرائع إلى رقيقه البارع . وقد نزعت فيما جمعت عن ترتيب البيوت [7] ، وعن إبعاد الشكل عن شكله ، وإفراد الشئ من مثله ؛ فجعلت بعضه مسلسلا [8] ، وتركت بعضه مرسلا [9] ؛ ليحصل محرّر النّقد [10] ، مقدّر السّرد [11] ؛ وقد أخذ بطر في التأليف ، واشتمل على حاشيتي التصنيف ؛ وقد بعز المعنى ، فألحق الشّكل بنظائره ، وأعلَّق الأول بآخره ، وتبقى منه بقية أفرّقها في سائره [12] ليسلم من التطويل المملّ ، والتقصير المخلّ ، وتظهر في التجميع إفادة الاجتماع ؛ وفى التفريق لذاذة
[1] صعصعة بن صوحان : خطيب بليغ من سادات عبد القيس . شهد صفين مع علي ، ونفاه المغيرة من الكوفة إلى الجزيرة أو إلى البحرين بأمر معاوية ، فمات فيها حوالي سنة ستين للهجرة [2] خالد بن صفوان : كان من مشاهير الفصحاء وله أخبار مع عمر بن عبد العزيز وهشام بن عبد الملك ، توفى نحو سنة 115 [3] ناقل الشاعر : ناقضه ، ورجل نقل بفتح فكسر وذو نقل بفتحتين ، إذا كان جليلا مناقلا [4] المساجلة : المفاخرة [5] المبهت : المحير [6] المعجب : الذي يعجبك جماله [7] البيوت كالأبيات : جمع بيت [8] مسلسل : من السلسلة بفتح السين وهي وهي اتصال الشئ بالشئ [9] مرسل : غير مسلسل [10] النقد : الوزن [11] السرد : النسج ، والتحرير ، ومثله التقدير : الضبط [12] سائره : باقيه