وأزاحه عن بابه ؛ فجاء مليحا في الطبع ، مقبولا في السمع : < شعر > يا سائلى عن جعفر ، عهدي به رطب العجان وكفّه كالجلمد [1] كالأقحوان غداة غبّ سمائه جفّت أعاليه وأسفله ندى [2] < / شعر > ومن مستحسن ما روى في هذا التضمين قول الآخر وضمن بيتا لمهلهل ابن ربيعة : < شعر > وسائلة عن الحسن بن وهب وعمّا فيه من كرم وخير فقلت هو المهذب ، غير أنى أراه كثير إرخاء الستور وأكثر ما يغنيّه فتاه حسين حين يخلو بالسّرور فلو لا الريح أسمع من بحجر صليل البيض تقرع بالذّكور < / شعر > وهذا البيت لمهلهل مما يعدّونه من أول كذب العرب ، وكانت قبل ذلك لا تكذب في أشعارها [3] ، وكان بين الموضع الذي كانت فيه هذه الواقعة وهي بالجزيرة وبين حجر وهي قصبة باليمامة مسافة بعيدة ، فأخرجه هذا الشاعر بقوة منّته ، ونفاذ فطنته ، إلى معنى آخر مستظرف في بابه . وهذا المذهب أحسن مذاهب
[1] العجان : الاست . والجلمد : الصخر [2] هذا التضمين يذكر بقول بعض المولدين : < شعر > تصدى إلى ايرى فقلت له اتئد وعيشك لو أبصرته وهو ثائر رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ، ولا عن بعضه أنت صابر < / شعر > والأصل : < شعر > وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ، ولا عن بعضه أنت صابر < / شعر > [3] هذا ترديد للفكرة المشهورة من أن العرب في جاهليتهم كانوا لا يتجاوزون الواقع حين يصفون ، وهذا فيما أرى غلو في تقدير أهل البادية ، والمعقول أن طبيعة الناس تبيح المغالاة ، بلا تفريق بين الطبقات الاجتماعية