ومن جيّد نشبيهات أبى نواس وقد نبّه نديما للصبوح فأخبر عن حاله وقال : < شعر > فقام والليل يجلوه الصباح كما جلا التبسم عن غر التّليّات < / شعر > ولعلى بن العباس عليه التقدم بقوله : < شعر > يفتّر ذاك السواد عن يقق من ثغرها كاللالىء النّسق [1] كأنها والمزاح يضحكها ليل تعرّى دجاه عن فلق [2] < / شعر > وفضل هذا الكلام على ذاك أن هذا قدّم لمعناه في التشبيه مقدمة أيّدته ، ووطَّأت له الآذان [3] ، وأصغت الأفهام إلى الاستحسان ، وهي قوله : < شعر > يفترّ ذاك السواد عن يقق < / شعر > وفي هذه السوداء يقول ، وقد سأله أبو الفضل الهاشمي أن يستغرق صفات . محاسنها الظاهرة والباطنة ، فقال : < شعر > لها حر يستعير وقدته من قلب صبّ وصدر ذي حنق [4] كأنما حرّه لخابره ما ألهبت في حشاه من حرّق يزداد ضيقا على المراس كما تزداد ضيقا أنشوطة الوهق [5] < / شعر > ثم فكَّر فيما فكَّر فيه النابغة ، وقد أمره النعمان بوصف المتجرّدة ، فوصف ما يجوز ذكره من ظاهر محاسنها ، ثم كره أن يذكر من فضائلها مالا يسوغ بمثله أن يذكر منها ، فردّ الإخبار عن تلك الفضائل إلى صاحبها ، وهو الملك ، فقال : < شعر > زعم الهمام بأن فاها بارد عذب إذا قبّلته قلت ازدد < / شعر > فاحتذى علىّ بن العباس هذا ، فقال بعد ما سأله أن يستغرق في وصف فضائلها الظاهرة والباطنة : < شعر > خذها أبا الفضل كسوة لك من خزّ الأماديح لا من الخرق < / شعر >