responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : إبراهيم بن علي الحصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 238


أوفت عليها وزادت ، حتى كاد غيثها يعود عيثا [1] ، وهمّ وبلها أن يستحيل ويلا فصبرنا على أذاها ، وقلنا : سحابة صيف عما قليل تقشّع ، فإذا نحن بها قد أمطرتنا بردا كالَّثغور ، لكنها من ثغور العذاب ، لا من الثغور العذاب ، فأيقنّا بالبلاء ، وسلَّمنا لأسباب القضاء ؛ فما مرت إلا ساعة من النهار ، حتى سمعنا خرير الأنهار ، ورأينا السّيل قد بلغ الزّبى [2] ، والماء قد غمر القيعان والرّبى [3] ؛ فبادرنا إلى حصن القرية لائذين من السّيل بأفنيتها ، وعائذين من القطر بأبنيتها ، وأثوابنا قد صندل كافوريّها ماء الوبل ، وغلَّف طرازيّها طين الوحل ، ونحن نحمد اللَّه تعالى على سلامة الأبدان ، وإن فقدنا بياض الأكمام والأردان ، ونشكره على سلامة الأنفس والأرواح ، شكر التاجر على بقاء رأس المال إذا فجع بالأرباح ؛ فبتنا تلك الليلة في سماء تكف ولا تكفّ [4] ، وتبكى علينا إلى الصباح بأدمع هوام [5] ، وأربعة سجام ؛ فلما سلّ سيف الصبح من غمد الظلام ، وصرف بوالى الصحو عامل الغمام ، رأينا صواب الرأي أن نوسع الإقامة بها رفضا ، ونتخذ الارتحال عنها فرضا ؛ فما زلنا نطوى الصحارى أرضا فأرضا ، إلى أن وافينا المستقر ركضا ؛ فلما نفضنا غبار ذلك المسير ، الذي جمعنا في ربقة الأسير ، وأفضينا إلى ساحة التيسير ، بعد ما أصبنا بالأمر العسير ، وتذاكرنا ما لقينا من التعب والمشقّة ، في قطع ذلك الطريق وطىّ تلك الشّقة ، أخذ الأمير السيد - أطال اللَّه بقاءه ! - القلم فعلق هذه الأبيات ارتجالا :
< شعر > دهتنا السماء غداة السّحاب بغيث على أفقه مسبل فجاء برعد له رنّة كرنّة ثكلى ولم تثكل < / شعر >



[1] العيث : الفساد
[2] الزبى جمع زيبة ، وهي الرابية لا يعلوها ماء
[3] القيعان : جمع قاع ، والربى : جمع ربوة
[4] تكف : تسيل ، وتكف : تمتنع
[5] هوام : جمع هامية ، وسجام : جمع ساجمة ، أي ممطرة

238

نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : إبراهيم بن علي الحصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست