< شعر > يا من رأى البركة الحسنا ورونقها والآنسات إذا لاحت مغانيها [1] ما بال دجلة كالغيرى تنافسها في الحسن طورا وأطوارا تباهيها ! إذا علتها الصّبا أبدت لها حبكا مثل الجواشن مصقولا حواشيها [2] فحاجب الشمس أحيانا يغازلها وريّق الغيث أحيانا يباكيها [3] إذا النجوم تراءت في جوانبها ليلا حسبت سماء زكَّبت فيها كأنما الفضّة البيضاء سائلة من السّبائك تجرى في مجاريها تنصبّ فيها وفود الماء معجلة كالخيل خارجة من حبل مجريها [4] كأنّ جنّ سليمان الَّذين ولوا إبداعها فأدقّوا في معانيها فلو تمرّ بها بلقيس عن عرض قالت : هي الصّرح تمثيلا وتشبيها [5] [ لا يبلغ السمك المقصور غايتها لبعد ما بين قاصيها ودانيها ] يعمن فيها بأوساط مجنّحة كالطَّير تنشر في جوّ خوافيها < / شعر > ولم ينفق أحد من خلفاء بنى العباس في البناء ما أنفقه المتوكل ؛ وذلك أنه أنفق في أبنيته ثلاثمائة ألف ألف ، وفي أبنيته يقول علي بن الجهم [6] :
[1] رواية الديوان « الحسناء رؤيتها » [2] الجواشن : جمع جوشن ، وهو الدرع ، وفي الأصل « من الجواشن » وهو تحريف [3] رواية الديوان « يضاحكها » وهي أنسب [4] الوفود : جمع وفد ، وهو هنا تيار الماء [5] عن عرض : من جانب ، وفي الأصل « معرضة » وقد آثرنا رواية الديوان . [6] شاعر فحل من معاصري أبى تمام والبحتري ، وهو صاحب الرائية المشهورة التي يقول في أولها : < شعر > عيون المها بين الرصافة فالجسر جلبن الهوى من حيث أدرى ولا أدرى أعدن لي الشوق القديم ، ولم أكن سلوت ، ولكن زدن جمرا إلى جمر < / شعر > اختص بالمتوكل ، ثم غضب عليه فنفاه إلى خراسان ، فأقام بهامدة ، ورحل إلى حلب ، فقتله بقربها بعض بنى كلب سنة 249 .