وكأنّ رماحهم قرون الوعول [1] ، وكأنّ دروعهم زبد السيول ، على خيل تأكل الأرض بحوافرها ، وتمدّ بالنّقع سرادقها [2] ، قد نشرت في وجوهها غرر كأنها صحائف الرّق [3] ، وأمسكها تحجيل كأنه أسورة اللَّجين [4] ، وقرّطت عذرا كأنها الشّنف [5] ، تتلقّف الأعداء أوائله ولم تنهض أواخره ، قد صبّ عليهم وقار الصبر ، وهبّت معهم ريح النّصر . وله في عليل : آذن اللَّه في شفائك ، وتلقّى داءك بدوائك ، ومسح بيد العافية عليك ، ووجّه وفد السلامة إليك ، وجعل علَّتك ماجية لذنوبك ، مضاعفة لثوابك . وكتب إلى عبيد اللَّه بن سليمان بن وهب [6] في يوم عيد : أخّرتنى العلَّة عن الوزير أعزّه اللَّه ، فحضرت بالدعاء في كتابي لينوب عنى ، ويعمر ما أخلته العوائق منى ، وأنا أسأل اللَّه تعالى أن يجعل هذا العيد أعظم الأعياد السالفة بركة على الوزير ، ودون الأعياد المستقبلة فيما يحبّ ويحبّ له ، ويقبل ما توسل به إلى مرضاته ، ويضاعف الإحسان إليه ، على الإحسان منه ، ويمتّعه بصحبة النعمة ولباس العافية ، ولا يريه في مسرّة نقصا ، ولا يقطع عنه مزيدا ، ويجعلنى من كل سوء فداء ، ويصرف عيون الغير عنه ، وعن حظَّي منه .
[1] الوعول : جمع وعل ، وهو التيس الجبلي . [2] النقع : غبار الحرب [3] الرق ، بالفتح ويكسر : جلد رقيق يكتب فيه [4] اللجين : الفضة [5] الشنف ، بالفتح : القرط ، والعذر بضمتين : جمع عذار [6] وزير من أكابر الكتاب ، استوزره المعتمد على اللَّه وأقره بعده المعتضد ، واستمرت وزارته عشر سنين وخمسين يوما ، وكانت وفاته سنة 288 . وهو الذي قال فيه عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر حين وزر للمعتصد : < شعر > أبى دهرنا إنصافنا في نفوسنا وأنصفنا فيمن نحب ونكرم فقلت له : نعماك فيهم أتمها ودع أمرنا ؛ إن الأهم مقدم < / شعر >