وفي نحو قول أبى عثمان « إنّ المعاني غير مقصورة ولا محصورة » يقول أبو تمام الطائي لأبى دلف القاسم بن عيسى العجلَّى : < شعر > ولو كان يفنى الشعر أفنته ما قرت حياضك منه في العصور الذّواهب [1] ولكنه فيض العقول إذا انجلت سحائب منه أعقبت بسحائب < / شعر > كما أشار إلى قول أوس بن حجر الأسدي : < شعر > أقول بما صبّت على غمامتى وجهدى في حبل العشيرة أحطب [2] < / شعر > وقال بعض البلغاء : في اللسان عشر خصال [3] محمودة ، أداة يظهر بها البيان ، وشاهد يخبر عن الضمير ، وحاكم يفصل الخطاب ، وواعظ ينهى عن القبيح ، وناطق يردّ الجواب ، وشافع تدرك به الحاجة ، وواصف تعرف به الأشياء ، ومعرب يشكر به الإحسان ، ومعزّ تذهب به الأحزان ، وحامد يذهب الضغينة ومونق يلهى الأسماع . وقال أبو العباس بن المعتز : لحظة القلب أسرع خطرة من لحظة العين ، وأبعد مجالا ، وهي الغائصة في أعماق أودية الفكر ، والمتأمّلة لوجوه العواقب ، والجامعة بين ما غاب وحضر ، والميزان الشاهد على ما نفع وضرّ ، والقلب كالمملى للكلام على اللسان إذا نطق ، واليد إذا كتبت ، والعاقل يكسو المعاني وشى الكلام في قلبه ، ثم يبديها بألفاظ كواس في أحسن زينة ، والجاهل يستعجل بإظهار المعاني قبل العناية بتزيين معارضها ، واستكمال محاسنها . وقيل لجعفر بن يحيى البرمكي : ما البيان ؟ قال : أن يكون الاسم يحيط بمعناك ، ويكشف عن مغزاك ، ويخرجه من الشركة ، ولا يستعان عليه
[1] قرت : أخذت [2] يحطب في حبل العشيرة : أي يستعين بها كما يستعين الحاطب بالحبل . [3] إذا عددت ما ذكره وجدته إحدى عشرة خصلة ( م )