فِقَر من كلامه رضي الله عنه : ما رأيتُ تبذيراً قطُ إلاَّ وإلى جَنْبِه حق مُضَيع . أنْقَصُ الناسِ عَقْلاً مَنْ ظَلَم مَنْ هُو دُونَهُ . أولى الناس بالعَفْوِ أقدرُهم على العقوبة . التسلُط على المماليك مِنْ لُؤْمِ المقدرة وسوء المملكة . وقال يحيى بن خالد : ما حَسُنَ أدَبُ رجل إلاّ ساء أدبُ غِلْمانه [1] . وقال معاوية : صلاحُ ما في يدك أسْلَم من طلب ما في أيدي الناس . غَضَبِي على مَنْ أمْلِك ، وما غضبِي على مَنْ لا أَمْلِك ؟ ولما تُوُفِّيَ معاويةُ رحمه الله واستُخْلِف يزيدُ ابنه اجتمع الناسُ على بابه ، ولم يقدروا على الجمع بين تهنئة وتعزية ، حنى أتى عبدُ الله بن همام السُّلولي ، فدخل عليه فقال : يا أمير المؤمنين ، آجَرَك الله على الرزية ، وبارك لك في العطية ، وأعانك على الرعيَّة ، فقد رُزئتَ عظيماً ، وأُعْطِيتَ جسيماً ، فاشْكُرِ اللّه على ما أُعطيت ، واصبرْ له على ما رُزِيت ؛ فقد فقدتَ خليفة الله ، ومُنِحْتَ خِلافة الله ؛ ففارقتَ جليلاً ، وَوُهِبْتَ جزيلاً ؛ إذْ قضى مُعاوِيةُ نَحْبه ، فغفر اللّه ذَنْبَه ؛ وولَيت الرياسة ، فأُعطيت السياسة ؛ فأوردك اللّه موارِدَ السرور ، ووفقك لصالح الأمور ، وأنشده : البسيط اصِبْرْ ، يَزيدُ ، فقد فارقْتَ ذا ثقة . . . واشْكُرْ حِبَاء الذِي بالمُلْكِ أصْفاكا [2] لا رُزْءَ أَصبَح في الأقوام نَعْلَمه . . . كما رُزِئتَ ولا عُقْبَى كعُقْباكا أصْبحْتَ واليَ أمرِ الناسِ كلهم . . . فأَنْتَ ترْعاهُمُ واللَّهُ يَرْعاكا وفي معاويةَ الباقِي لنا خَلفٌ . . . إذا نُعيتَ ولا نسمعْ بمَنْعَاكا [3] يريد أبا ليلى معاوية بن يزيد ، وولَيَ بعد أبيه شهوراً ، ثم انخلع عن الأمر ، فقال لقائل : البسيط :
[1] يظهر أن هذه الكلمة وقعت استطرادا من المؤلف ، وإذ كان الغرض ذكر فقر من كلام معاوية [2] الحباء : العطاء [3] « لا » حرف دعاء ولذلك جزم بها الفعل إلحاقا بلا الناهية