[ مقدمة المؤلف ] * ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) * * الحمد للَّه الذي اختصّ الإنسان بفضيلة البيان ، وصلى اللَّه على محمد خاتم النبيين ، المرسل بالنور المبين ، والكتاب المستبين ، الذي يحدّى الخلق أن يأتوا بمثله فعجزوا عنه ، وأقرّوا بفضله ، وعلى آله وسلم تسليما كثيرا . وبعد ؛ فهذا كتاب اخترت فيه قطعة كاملة من البلاغات ؛ في الشعر والخبر ، والفصول والفقر [1] ، مما حسن لفظه ومعناه ، واستدلّ بفحواه على مغزاه [2] ، ولم يكن شاردا حوشيّا [3] ، ولا ساقطا سوقيّا [4] ، بل كان جميع ما فيه ، من ألفاظه ومعانيه ، كما قال البحتري [5] : < شعر > في نظام من البلاغة ما ش كّ امرؤ أنّه نظام فريد [6] حزن مستعمل الكلام اختيارا وتجنّبن ظلمة التعقيد وركبن اللفظ القريب فأدرك ن به غاية المراد البعيد < / شعر > ولم أذهب في هذا الاختيار ، إلى مطولات الأخبار ، كأحاديث صعصعة
[1] الفقر : جمع فقرة - بكسر الفاء وفتحها - وهي فصل أو بيت شعر ، وتقول : ما أحسن فقر كلامه ، أي نكته ، وهي في الأصل حلى تصاغ على شكل فقر الظهر [2] مغزى الكلام : هو المراد منه ، وفحواه : هو ما يفهم منه ذلك المراد [3] الحوشى : الوحشي ، وقد وصف زهير بأنه كان لا يتتبع حوشى الكلام . [4] السوقي : نسبة إلى السوقة ، وهم عامة الناس [5] البحتري : شاعر مبدع من شعراء الدولة العباسية ، ولد في منبج - بين الفرات وحبب - في سنة 206 وتوفى في سنة 264 [6] الفريد : هو الدر الذي يفصل بين الذهب في القلادة المفصلة ، فالدر فيها فريد ، والذهب مفرد ، بتشديد الراء .