فقال ابن مناذر : أو شعر هذا ؟ فقال أبو حيّة : ما في شعري عيب ، غير أنك تسمعه . وفي هذه القصيدة يقول أبو حية : < شعر > ولما أبت إلا التواء بودّها وتكديرها الشّرب الذي كان صافيا شربت برنق من هواها مكدّر وكيف يعاف الرّنق من كان صاديا [1] < / شعر > وقد قال عمرو بن قميئة [2] في معنى قول أبى حية : < شعر > كانت قناتى لا تلين لغامز فألانها الإصباح والإمساء ودعوت ربى في السلامة جاهدا ليصحّنى فإذا السّلامة داء < / شعر > وقال النّمر بن تولب [3] : < شعر > يودّ الفتى طول السلامة والبقا فكيف يرى طول السلامة يفعل يعود الفتى من بعد حسن وصحة ينوء إذا رام القيام ويحمل [4] < / شعر > وقد روى في الحديث الشريف : « كفى بالسلامة داء » . وقد أحسن حميد بن ثور في قوله : < شعر > أرى بصرى قد رابني بعد صحة وحسبك داء أن تصحّ وتسلما < / شعر >
[1] ماء رنق - بفتح فسكون ، وفيه لغة أخرى بفتح فكسر - أي غير صاف ، وتقول : رنق الماء - بالتضعيف - أي كدره ، وكأنه ذهب برونقه وحسنه ، ويعاف : يكره ( م ) . [2] شاعر جاهلي ، نشأ يتيما ، وأقام في الحيرة مدة ، وخرج مع امرئ القيس حين توجه إلى قيصر ، فمات في الطريق . وفيه يقول امرؤ القيس : < شعر > بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصرا فقلت له : لا تبك عينك ؛ إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا < / شعر > وقد سمته العرب « عمرا الضائع » لموته في غربة وفي غير مطلب ولا أرب [3] شاعر مخضرم ، من شعراء الطبقة الثانية في الجاهلية ، أدرك الإسلام ، وهو كبير السن فوفد على الرسول ، وكتب عنه كتابا لقومه ، وكان جوادا واسع القرى كثير الأضياف [4] ينوء : ينهض بتثاقل وإعياء