شريان الغمام ، سحابة يتجلَّى عليها ماء البحر ، وتفضّ علينا عقود الدّر ، سحاب حكى المحبّ في انسكاب دموعه ، والتهاب النار بين ضلوعه ، سحابة تحدو من الغيوم جمالا ، وتمدّ من الأمطار حبالا ، سحابة ترسل الأمطار أمواجا ، والأمواج أفواجا ، تحللت عقد السماء بالدّيمة الهطلاء ، غيث أجشّ [1] يروى الهصاب والآكام [2] ، ويحيى النبات والسّوام [3] ، غيث كغزرة فضلك ، وسلاسة طبعك ، وسلامة عقدك ، وصفاء ودّك ، وبل كالنبل ، سحابة يضحك من بكائها الرّوض ، وتخضرّ من سوادها الأرض ، سحابة لا تجفّ جفونها ولا يخف أنينها ، ديمة روّت أديم الثرى ، ونبهت عيون النّور من الكرى ، سحابة ركبت أعناق الرياح ، وسحّت كأفواه الجراح ، مطر كأفواه القرب ، ووحل إلى الركب ، أندية منّ اللَّه معها على البيوت بالثّبوت ، وعلى السقوف بالوقوف ، أقبل السّيل ينحدر انحدارا ، ويحمل أحجارا وأشجارا ، كأن به جنة ، أو في أحشائه أجنّة .وبعض ما مر من هذه الألفاظ محلول نظام ما تقدم إنشاده . ولهم في مقدمات المطر لبست السماء جلبابها ، وسحبت السحائب أذيالها ، قد احتجبت الشمس في سرداق الغيم ، ولبس الجوّ مطرفه الأدكن ، باحت الريح بأسرار النّدى ، وضربت خيمة الغمام ، ورش جيش النسيم ، وابتل جناح الهواء ، واغرورقت مقلة السماء ، وبشّر النسيم بالندى ، واستعدت الأرض للقطر ، هبت شمائل الجنائب ، لتأليف شمل السحائب . تألفت أشتات الغيوم ، وأسبلت السّتور على النجوم .
[1] أجش : ذو صوت ( م ) [2] الآكام : جمع أكمة وهي التل . [3] السوام : جمع سأئمة ، وهي الماشية ( م )