< شعر > نعم اللَّه كالوحوش فما تأ لف إلا الأخاير النّسّاكا نفّرتها آثام قوم وصيّرن لها البرّ والتّقى أشراكا < / شعر > وكان قبل اتّصاله بالسلطان سائحا في البلاد ، على طريق الفقر والتصوّف ، قال أبو علي الصوفي : كنت معه في بعض أوقاته ، أماشيه في إحدى طرقاته ، فضجر لضيق الحال ، فقال : < شعر > ألا موت يباع فأشتريه فهذا العيش مالا خير فيه ألا رحم المهيمن نفس جرّ تصدّق بالوفاة على أخيه < / شعر > ثم تصرّف بما يرضيه الدهر ، وبلغ المهلى مبلغه . قال أبو علي : دخلت البصرة فاجتزت بسرّ من رأى ، وإذا أنا بناشطيات وحراقات وزيارب وطيّارات في عدّة وعدد ، فسألت : لمن هذا ؟ فقيل : للوزير المهلبي ، ونعتوا لي صاحبي ؛ فوصلت إليه حتى رأيته ، فكتبت إليه رقعة ، وتوصّلت حتى دخلت فسلَّمت ، وجلست حتى خلا مجلسه ، فدفعت إليه الرقعة وفيها : < شعر > ألا قل للوزير بلا احتشام مقال مذكَّر ما قد نسيه أتذكر إذ تقول لضيق عيش « ألا موت يباع فأشتريه » < / شعر > فنظر إلىّ وقال : نعم ، ثم نهض وأنهضنى معه إلى مجلس الأنس ، وجعل يذاكرنى ما مضى ، ويذكر لي كيف ترقّت حاله ، وقدّم الطعام فطعمنا ، وأقبل ثلاثة من الغلمان على رأس أحدهم ثلاث بدر [1] ، ومع الآخر تخوت وثياب ، ومع الآخر طيب ، وبخور ، وأقبلت بغلة رائعة بسرج ثقيل ؛ فقال : يا أبا على ؛ تفضّل بقبول هذا ، ولا تتخلَّف عن حاجة تعرض لك ، فشكرته وانصرفت ، فلما هممت بالخروج من الباب استردّنى وأنشدني بديها : < شعر > رقّ الزمان لفاقتى ورثى لطول تحرّقى < / شعر >