والبراعة ، وتلقّيتها بواجبها من النّشر والإذاعة ؛ فإنها جمعت إلى حسن الإيجاز درجة الإعجاز ، وإلى فضيلة الإبداع جلالة الموقع في القلوب والأسماع . وله من فصل : وصل كتاب الشيخ فنشر عندي من جلل إفضاله وإكرامه ، ومحاسن خطابه وكلامه ، ما لم أشبّهه إلا بأنوار النّجود [1] ، وحبر البرود ، وقلائد العقود . وذكر أبو منصور الثعالبي الأمير أبا الفضل في كتاب ألَّفه ، فقال في بعض فصوله : من أراد أن يسمع سرّ النظم ، وسحر الشعر ، ورقية الدهر ، ويرى صوب العقل ، وذوب الظَّرف ، ونتيجة الفضل ؛ فليستنشد ما أسفر عنه طبع مجده ، وأثمره عالي فكره ، من ملح تمتزج بالنفوس لنفاستها ، وتشرب بالقلوب لسلاستها : < شعر > قواف إذا ما رواها المشو ق هزّت لها الغانيات القدودا كسون عبيدا ثياب العبيد وأضحى لبيد لديها بليدا < / شعر > وأيم اللَّه ما مرّ يوم أسعفنى فيه الزمان بمواجهة وجهه ، وأسعدني بالاقتباس من نوره والاغتراف من بحره ، فشاهدت ثمار المجد والسؤود تنتثر من شمائله ، ورأيت فضائل الدّهر عيالا على فضائله ، وقرأت نسخة الفضل والكرم من ألحاظه ، وانتهبت فضائل الفوائد من ألفاظه ، إلَّا تذكرت ما أنشدنيه أدام اللَّه تأييده لابن الرّومى : < شعر > لولا عجائب صنع اللَّه ما ثبتت تلك الفضائل في لحم ولا عصب < / شعر > وقول الطائي : < شعر > فلو صوّرت نفسك لم تزدها على ما فيك من كرم الطَّباع < / شعر >
[1] النجود : جمع نجد ، وهو ما ارتفع من الأرض ، وفيه يونع الزهر .