< شعر > تغاضى لهم وسنان ، بل متواسنا ، وتوقظهم يقظان بل متياقظا [1] < / شعر > [ وأبو جعفر هذا هو الباقر ] ، وكان أخوه زيد بن علي رضي اللَّه عنه ديّنا ، شجاعا ، ناسكا ، من أحسن بني هاشم عبارة ، وأجملهم شارة . وكانت ملوك بنى أمية تكتب إلى صاحب العراق أن امنع أهل الكوفة من حضور زيد بن علي ؛ فإنّ له لسانا أقطع من ظبة السيف وأحدّ من شبا الأسنة [2] ، وأبلغ من السحر والكهانة [3] ، ومن كل نفث في عقدة . وقيل لزيد بن علي : الصمت خير أم الكلام ؟ فقال : قبّح اللَّه المساكتة ، ما أفسدها للبيان ، وأجلبها للعىّ والحصر [4] ! واللَّه للمماراة أسرع في هدم العىّ [5] من النار في يبس العرفج ، ومن السيل إلى الحدور [6] . وقال له هشام بن عبد الملك : بلغني أنّك تروم الخلافة وأنت لا تصلح لها لأنك ابن أمة ؟ قال زيد : فقد كان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ابن أمة ، وإسحاق ابن حرّة ؛ فأخرج اللَّه من صلب إسماعيل خير ولد آدم ! فقال له : قم ! فقال : إذا واللَّه لا تراني إلَّا حيث تكره ! فلما خرج من الدار قال : ما أحبّ أحد الحياة قط إلَّا ذلّ ، فقال له سالم مولى هشام : لا يسمعنّ هذا الكلام منك أحد ، وكان زيد كثيرا ما ينشد : < شعر > شرّده الخوف وأزرى به كذاك من يكره حرّ الجلاد [7] منخرق الخفّين يشكو الوجى تنكبه أطراف مرو حداد [8] < / شعر >
[1] متواسن : متناوم وليس بنائم ، ومتياقظ : متظاهر باليقظة [2] ظبة السيف : طرفه ، وكذلك شبا السنان [3] الكهانة : نوع من فتنة الناس باسم البحث عن الغيب [4] الحصر : عسر السكلام [5] في الأصل « هدم الفتى » وهو تحريف [6] الحدور : المنحدرات يجرى إليها الماء [7] الجلاد : الحرب . [8] المرو : الحجارة البيض الرقاق ، والحداد : جمع حديد .