وكان لمعاوية بن أبي سفيان عين بالمدينة يكتب إليه بما يكون من أمور الناس وقريش ، فكتب إليه : إنّ الحسين بن علىّ أعتق جارية له وتزوّجها ؛ فكتب معاوية إلى الحسين : من أمير المؤمنين معاوية إلى الحسين بن علىّ . أمّا بعد ، فإنه بلغني أنك تزوّجت جاريتك ، وتركت أكفاءك من قريش ، ممّن تستنجبه للولد ، وتمجد به في الصّهر ، فلا لنفسك نظرت ، ولا لولدك انتقيت . فكتب إليه الحسين بن علي : أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك ، وتعييرك إيّاى بأنى تزوّجت مولاتي ، وتركت أكفائى من قريش ، فليس فوق رسول اللَّه منتهى في شرف ، ولا غاية في نسب ؛ وإنما كانت ملك يميني ، خرجت عن يدي بأمر التمست فيه ثواب اللَّه تعالى ؛ ثم ارتجعتها على سنّة نبيه صلى اللَّه عليه وسلم ، وقد رفع اللَّه بالإسلام الخسيسة ، ووضع عنّا به النقيصة ؛ فلا لوم على امرئ مسلم إلَّا في أمر مأثم ، وإنما اللوم لوم الجاهلية . فلما قرأ معاوية كتابه نبذه إلى يزيد فقرأه ، وقال : لشدّ ما فخر عليك الحسين ! قال : لا ، ولكنها ألسنة بني هاشم الحداد التي تفلق الصّخر ، وتغرف من البحر ! والحسين - رضي اللَّه عنه ! - هو القائل : < شعر > لعمرك إنّنى لأحبّ دارا تحلّ بها سكينة والرّباب أحبّهما وأبذل كلّ مالي وليس للائم عندي عتاب < / شعر > سكينة : ابنته ، والرباب : أمّها ، وهي بنت امرئ القيس [ بن الجرول ] الكلبية . وفي سكينة يقول عمر بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة المخزومي كذبا عليها [1] :
[1] انظر الطبعة الثالثة من كتاب « حب ابن أبي ربيعة وشعره » ففيه فصل مطول عن السيدة سكينة بنت الحسين وحياتها الأدبية والوجدانية وعلاقتها بعمر بن أبي ربيعة لترى أكان يكذب عليها كما يحدثنا صاحب زهر الآداب ؟