أما لو كان المتقدم على المضارع نفياً أو خبراً مثبتاً وليس طلباً ، فلا يجوز جزمه ، نحو : ما تأتينا تحدثُنا ، ونحو أنت تأتينا تحدثُنا ، برفع المضارع . وأما قول العرب : إتقي الله امرؤ فعلَ خيراً يُثَبْ عليه ، بالجزم ، فوجهه أن المراد بهما الطلب وإن كانا ماضيين والمعنى : ليتق الله امرؤ وليفعل خيراً . وكذا قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ . فهو بمعنى آمِنوا وجاهِدوا . وكذا لو لم يقصد بالفعل المضارع الجزاء ، فلا يجزم كقوله تعالى : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ، لأن معناه : خذ من أموالهم صدقة مطهرة ، فتطهرهم صفة لصدقة . وقرئ قوله تعالى : فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ، بالرفع بجعل يرثني صفة لولياً ، وبالجزم على جعله جزاءً . فالملاك في النصب أن يصلح الفعل جزاء للأمر . واعلم أنه لا يجوز الجزم في جواب النهي إلا إذا صح تقدير شرط مكانه مقرون بلا النافية ، نحو : لا تكفر تدخلِ الجنة ، ولا تَدْن من الأسد تسلمْ . فلو قيل بدلهما إن لا تكفر تدخل الجنة ، وإن لا تَدْنُ من الأسد تَسلم ، صحَّ بخلاف لا تكفر تدخلُ النار ، ولا تدن من الأسد يأكلُك ، لأنه لا يصح : إن لا تكفر تدخل النار ، وإن لا تدن من الأسد يأكلك . ولهذا أجمع القراء السبعة على الرفع في قوله تعالى : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ، ولا يجوز فيه الجزم ، لأنه لا يصح أن يقال : إن لا تمنن تستكثر . بل معناه : لا