responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 461


ذلك على أن فواصل المقامات يقوم غالبها مقام المثل السائر وحسن خواتمها تعقد عليه الخناصر وقد عن لي أن أورد هنا مقامة كاملة فإذا نظر المتأمل إلى براعة استهلالها وفهم القصد الذي جنح إليه الحريري عرف مقدار حسن الختام الذي تمت به الفائدة وحسن السكوت عليه وقد اخترت المقامة الثالثة عشرة وهي الزورائية لأنه ثبت عن القاضي الفاضل أنه شرع في معارضة المقامات وعارض منها كل فصل بفصل أحسن به إلى أن وصل إلى فصل هذه المقامة الذي سيأتي وأنبه عليه في موضعه والمقامة الموعود بإيرادها هو قوله حكى الحرث بن همام قال ندوت بضواحي الزوراء مع مشيخة من الشعراء لا يعلق لهم مبار بغبار ولا يجري معهم ممار في مضمار فأفضنا في حديث يفضح الأزهار إلى أن نصفنا النهار فلما غاض در الأفكار وصبت النفوس إلى الأوكار لمحنا عجوزا تقبل من البعد وتحضر إحضار الجرد وقد استتلت صبية أنحف من المغازل وأضعف من الجوازل فما كذبت إذ رأتنا أن عرتنا حتى إذا ما حضرتنا قالت حيا الله المعارف وإن لم يكن معارف اعلموا يا مال الأمل وثمال الأرامل أني من سروات القبائل وسريات العقائل والفصل الذي عجز الفاضل عنه هو لم يزل أهلي وبعلي يحلون الصدر ويسيرون القلب ويمطون الظهر ويولون اليد فلما أردى الدهر الأعضاد وفجع بالجوارح الأكباد وانقلب ظهرا لبطن نبا الناظر وجفا الحاجب وذهبت العين ونفدت الراحة وصلد الزند ووهت اليمين وبانت المرافق ولم يبق لنا ثنية ولا ناب قلت وهذا الفصل الذي أحجم القاضي عن معارضته قلت في معناه وكتبت إلى سيدنا قاضي القضاة صدر الدين بن الآدمي نور الله ضريحه رسالة مجسده مشتملة على ذلك جيده راعيت فيها النظير لأجل الصدر من الرأس إلى القدم ولم أخرج فيها عن حسن الختام الذي ما ختمت رسالة بنظيره والتزمت فيها السجع الذي فر الحريري منه في فصله وقد عن لي أن أثبت الرسالة هنا بكمالها وأرجع إلى ما كنا فيه من حسن الختام في المقامة الحريرية والرسالة هي يقبل أرضا بالعلا قد تجسدت * بأرواح أهل العلم روضة مشتهى وهبت بأنفاس العلوم قبولها * ولا زال صدر الدين منشرحا بها وينهى أن الصدر رأس العلوم وكم له من فرق دق على الأفهام وهو كالغرة في جباه الأيام لا زال المجد له حاجيا مقرونا بسعده الشامل ولا برح بعلمه عينا لوجوه المسائل فلله أهداب معانيه التي هي أسحر من عيون الغزلان وأمضى من السيوف إذا برزت من الأجفان وأصداغ فضائله التي هي عاطفة على وجنات الوجود لأنها كالعوارض الماطرة وكم أنست عند ذكره من سالفة وكم لها في قلوب الأعداء من خدود وندى جوده الذي إذا جاءه الشارب وجد عنده شفاه وحلاوة نظمه الذي أنسانا ذكر العذيب وثناياه وعنق مكارمه التي ألفت من البديع الالتفات وأوصافه التي غدت على خد الدهر شامات حتى تبدلت سيئاته حسنات كف عنا تعب الفقر بكرم راحته المتزايد من غير أن يقال له ساعد وشهدنا بأن أياديه بحر يفيض بصنائعه فأشار النيل إلى قبول هذه الشهادة بأصابعه فلله ندى يمينه الذي لم يزل المملوك به في بلاد الشام مكفي وكم فاض منه قلب النيل وجهد أن يوفيه بالباع والذراع فما وفي جبلت على محبته القلوب فصار حبه ظاهرا في كل باطن وحنت إليه الجوارح لما سارت مناقبه إلى كل جانب فحركت كل ساكن ورفع المملوك أدعيته التي هي إن شاء الله تعالى نعيم للبدن الكريم واعتدال اللطيف ذلك المزاج وأثنيته التي هي كالمناطق على خصور الحسان وبها لكل قلب ابتهاج ولكن تثاقلت عليه أرداف النوى وأسكنت في وسط لبه الجوى وقده الانقطاع بسيفه الذي زاد في حده ولكن جار في قده ولو حصر المملوك ما ساق إليه البعد من الاشتياق إلى تقبيل الأقدام لم تسعه قائمه وهو

461

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 461
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست