يا سائرا مفردا أعربت لحنك في * توهيم منع رضاع الشاء من حلم قلت هذا البيت المبارك عجزت عن حل معناه إذ ليس له تعلق بما قبله ولا بما بعده ولا بمدح النبي ولم أزل في حيرة إلى أن وقفت على شرح المصنف فوجدته قد قال الحلم مشتق من الحلمة وهي رأس الثدي ويحصل في جلد الشاة دود فتقول العرب حلمت وحلم أديمها أي وجد الدود في جلدها ثم قال ومعنى البيت أني أخاطب سائرا في الطريق منفردا بنفسه عن الناس لا يرغب في مرافقة أحد فقلت له وأنت تتوهم بترك اجتماعك بالناس معنى لا تظهره كما يوهم الراعي بمنع رضاع الشاء أن جلودها حلمت وحلم بين حلم الشاة وحلم الأديب قلت والله ما ازددت إلا حيرة في تفسير هذا الشرح والذي أقوله إن الشرح والنظم في العقادة وعدم الفائدة كفرسي رهان وبيت بديعيتي تقدم قبله وهو وأودعوا للثرى أجسامهم فشكت * شكوى الجريح إلى العقبان والرخم وقلت بعده في التوهيم والبعض ماتوا من التوهيم واطرحوا * والسمر قد قبلتهم عند موتهم فذكر الموت في البيت يوهم السامع أن نساءهم السمر قد أدارتهم إلى جهة القبلة كما هو المعهود والتوهيم هنا في التقبيل وفي السمر والمراد بالسمر الرماح وبالتقبيل الطعن في الأفواه التي تنزل هنا منزلة التقبيل واستعارة التقبيل للرماح في غاية الحسن فإنهم شبهوا سنان الرمح باللسان وشبهوا مواقع الطعن بالثغور ويعجبني هنا قول ابن المزين في الرمح أنا أسمر والراية البيضاء لي * لا بالسيوف وسل من الشجعان لم يحل بي عيش الغداة لأنني * نوديت يوم الجمع بالمران وإذا تفاخمت الكماة بجحفل * كلمتهم فيه بكل لسان ( ذكر الألغاز ) وكل ما ألغزوه حله لسن * مذ طال تعقيده أزرى بفهمهم هذا النوع أعني الألغاز يسمى المحاجاة والتعمية وهي أعم أسمائه وهو أن يأتي المتكلم بعدة ألفاظ مشتركة من غير ذكر الموصوف ويأتي بعبارات يدل ظاهرها على غيره وباطنها عليه وأبدع ما فيه أنه لم يسفر في أفق الحلى غير وجه التورية وأما تعسف الفرقة التي ليس لها إلمام بالتورية في الألغاز فأمرهم مسلم إليهم وأما علماء هذا الفن فإنهم ما قرروا غير ما قررناه فمن ذلك قول أبي العلاء في إبرة سعت ذات سم في قميصي فغادرت * به أثرا والله شاف من السم كست قيصرا ثوب الجمال وتبعا * وكسرى وعادت وهي عارية الجسم وقول ابن حراز في خيمة ومضروبة من غير ذنب أتت به * إذا ما هدى الله الأنام أظلت قلت لغز أبي العلاء ولغز محيي الدين لم تسفر فيهما الوجوه الحسان إلا من وراء ستور التورية ومنه قول ابن حراز فيمن اسمه عثمان حروفه معدودة خمسة * إذا مضى حرف تبقى ثمان ومن ألطف الألغاز في القلم وذي خضوع راكع ساجد * ودمعه من جفنه جاري مواظب الخمس لأوقاتها * منقطع في خدمة الباري وقول ابن عبد الظاهر في شربه في كوز الوزير وذي أذن بلا سمع * له قلب بلا قلب إذا استولى على حب * فقل ما شئت في الصب