responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 355


التورية كاللغات التي تدور على الألسنة وإنما تتصور حيث يكون المعنيان ظاهرين إلا أن أحدهما أسبق إلى الفهم من الآخر وقد عن لي أن أختم باب التورية بفائدة تكون مسكا لختامها وبدرا لتمامها وهي أن بعض علماء هذا الفن قالوا إن التورية إذا جاءت بلازمين فتكافا ولم يترجح أحدهما على الآخر فكأنهما لم يذكرا وصار المعنى القريب والمعنى البعيد بذلك في درجة واحدة وتلحق هذه التورية بالمجردة وتعد فيها قسما ثانيا وتصير مجردة بهذا الاعتبار واستشهدوا على ذلك بقول الشاعر غدوت مفكرا في سر أفق * أرانا العلم من بعد الجهالة فما طويت له شبك الدراري * إلى أن أظفرته بالغزاله وقالوا إن الشبك من لوازم الغزالة الوحشية والدراري من لوازم الغزالة الشمسية قلت أما قوله في تقريره إن اللازمين إذا تكافآ ولم يترجح أحدهما على الآخر تصير التورية كالمجردة فقريب وأما الشاهد ففيه نظر فإنه صدر بقوله غدوت مفكرا في سر أفق فالتفكر في سر هذا الأفق الذي أراه العلم من بعد الجهالة لازم خاص يرجح جانب الغزالة الشمسية وأما الشبك فاستعارة مرشحة بالحسن لنجوم الدراري وهي أيضا مما يرشح جانب الشمس عند طيها الذي أراد به الناظم غيابها ولو كانت الشمس مجردة من الدراري ربما كان للغزالة الوحشية بعض مقاربة وعين الشمس هنا ما تغطي على الترجيح والله أعلم واستشهدوا أيضا على هذا بقول مجير الدين بن تميم وليلة بت أسقى في غياهبها * راحا تسل شبابي من يد الهرم ما زلت أشربها حتى نظرت إلى * غزالة الصبح ترعى نرجس الظلم وقالوا أيضا إن الصبح من لوازم الغزالة الشمسية والرعي من لوازم الغزالة الوحشية قلت أما الصبح فمن لوازم الغزالة الشمسية كما قالوا وأما رعي نرجس الظلم فليس من لوازم الغزالة الوحشية وإنما هو استعارة مرشحة بالحسن للنجوم وهي مثل استعارة الشباك والدراري والغزالة الوحشية ليس لها هنا مرعى فإنها أجنبية من رعي نرجس الظلم الذي هو عبارة عن النجوم والله أعلم وقد تقدم قولي على الشاهد الذي أوردوه للبحتري في التورية المبينة بذكر لازم الموري عنه من قبل وقلت فيه نظر وهو قوله ووراء تسدية الوشاح ملية * بالحسن تملح في القلب وتعذب هذا الشاهد تعارض فيه اللازمان وتكافآ وهو أقرب إلى المجردة وما ذاك إلا أن الشاهد في قوله تملح يحتمل أن يكون من الملوحة ولازمه تعذب وهو المعنى القريب ويحتمل أن يكون من الملاحة وهذا هو المعنى البعيد الموري عنه ولازمه ملية بالحسن وقد تعارض اللازمان وهذا هو الشاهد على هذا القسم الذي اختاروه أن يكون قسما ثانيا للتورية المجردة وأقرب منه قول الشيخ زين الدين بن الوردي قالت إذا كنت تهوى * أنسي وتخشى نفوري صد ورد خدي وإلا * أجور ناديت جوري ومثله قول الشيخ جمال الدين بن نباتة حملت خاتم فيه فصا أزرقا * من كثرة اللثم الذي لم أحصه لولاه ما علم الرقيب فيا له * من خاتم نقل الحديث بفصه والأشباه والنظائر من هذا القسم كثير والغرض أن اللازمين إذا تعارضا وتكافآ في التورية يلحق هذا القسم بالتورية المجردة انتهى الكلام على التورية وقد قدمت من نظم الجماعة الذين مشوا تحت العلمين المشهورين ما هو أشهر من الأعلام فالمتأمل إذا جمع بين طرفي هذا الباب وعرف الأنواع والأقسام وضع كل شيء في محله فإني كشفت له اللثام عن وجه التورية وأما أبيات البديعيات فقد تقدم ذكرها والله أعلم بالصواب

355

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست