نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 7
و الثاني : عدالة الناقلين كما تعتبر عدالتهم في الشرعيات . و الثالث : أن يكون النقل عمن قوله حجة في أصل اللغة ، كالعرب العاربة مثل قحطان و معد وعدنان ، فأما إذا نقلوا عمن بعدهم بعد فساد لسانهم واختلاف المولدين فلا . و الرابع : أن يكون الناقل قد سمع منهم حسا وأما بغيره فلا . و الخامس : أن يسمع من الناس حسا . انتهى . و من الشطط أن يظن الناس أن كل عربي فصيح يحتج بلغته ، ولقد ثبت أن الراسخين في فهم اللغة وفحصها ونوادرها وحوشيها كانوا يجهلون معاني كثير من الألفاظ [1] ، وذلك يعود إلى سعة اللغة العربية وصعوبة الإحاطة بها ، يقول ابن فارس في فقه اللغة : قال بعض الفقهاء كلام العرب لا يحيط به إلا نبي ، قال ابن فارس : وهذا كلام حري أن يكون صحيحا ، وما بلغنا أن أحدا ممن مضى ادعى حفظ اللغة كلها [2] . و هذا الذي نقله عن بعض الفقهاء نص عليه الإمام الشافعي فقال في أوائل الرسالة : لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا ، وأكثرها ألفاظا ، ولا نعلم أن يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي [3] . و طبيعي في اللغة العربية التي تتفق مع أخوات لها في كثير من القواعد والصيغ و التراكيب ، فلا يسع أحدا أن يسلم لسانه من الخطأ في كل ما ينطق به إلا الرسل ( ص ) وإلا الأقحاح من العرب [4] . و اشتراك العربية في النسب مع شقيقاتها في النسب ثم مجاورة القبائل العربية لغير العرب جعلا الباب مفتوحا للدخيل ، وحيث أن الموجبات البشرية التي انتقلت إلى الجزيرة العربية أثرت في اللغة العربية وأمدتها بكلمات ، ونقلت معها عادات وآثارا من علم وحضارة عبروا عنها بألفاظ لم تكن معروفة عند العرب . هذه الحروف والألفاظ ذات الأصول العجمية ، سقطت إلى العرب ، فأعربتها بألسنتها ، و حولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها ، فصارت عربية ، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب . قال أبو عبيدة : فمن قال : إنها عربية فهو صادق ، ومن قال : عجمية ،