نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 262
وقال آخرُ في ترك الهمز : إذا دَبَبْتَ على المِنْساةِ من هَرَمٍ * فَقَدْ تَباعَدَ عنكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ وإنَّما سمِّي بها لأنَّ الدَّابَّة تُنْسَأُ بها ، أَي تُزجرُ ليزدادَ سَيْرُها ، أو تُدفعُ أو تُؤَخَّر ، قال ابنُ سيده : وأَبدلوا همزها إِبْدالاً كلِّيًّا فقالوا : مِنْسَاةٌ ، وأصلها الهمز ، ولكنه بَدَلٌ لازمٌ ، حكاه سيبويه ، وقد قُرِئَ بهما جميعاً ، ومن ذلك قولُ الفرَّاءِ في قوله عزَّ وجلَّ " تَأْكُلُ مِنْسَأَتَه " [1] فيما نقله عنه ابن السَّيِّد البَطَلْيُوسي ما نَصُّه يَجوزُ ، يعني في الآية المذكورة من سَأَتِهِ ، بفصل مِن عَنْ سَأَتِهِ على أنَّه حرفُ جرٍّ ، والسَّأَةُ لغةٌ في سِيَةِ القَوْسِ ، قال ابنُ عادِل والسِّيَةُ : العَصا أَو طَرَفُها ، أَي تأْكُل من طَرَف عَصَاه ، وقد رُوِي أنَّه اتَّكأَ على خضْراءَ من خَرْنوبٍ ، وإلى هذه القراءة أَشار البَيْضاوِي وغيرُه من المُفَسِّرين ، ونقل شيخُنا عن الخَفَاجي في العِناية أنَّه قُرِئَ من سَأَتِهِ ، بمِن الجَارَّة ، وسأَتِه بالجرِّ بمعنى طَرَف العَصا ، وأَصلُها : ما انْعَطَفَ من طَرَفَي القوسِ ، استُعيرتْ لما ذُكِرَ ، إمَّا استعارةً اصطلاحيَّة ، لأنَّه قيل : إنَّها كانت خَضراءَ فاعوجَّتْ بالاتِّكاء عليها ، أَو لغويَّة باستِعمالِ المُقَيَّد في المُطْلَق ، انتهى ، ثمَّ قال : وهذه القراءةُ مروِيَّةٌ عن سعيد بن جُبَيْر وعن الكسائيّ . تقولُ العربُ سَأَةُ القوسِ وسِئَتُها ، بالفتح والكسر ، قال ابن السَّيِّد البَطَلْيوسي لما نقل هذه القراءة عن الفرَّاءِ رادًّا عليه ، وتبعه المُصنِّف فقال : فيه بُعْدٌ وتَعَجْرُفٌ ، لا يجوز أَن يُستعمل في كتاب الله عزَّ وجلَّ ما لم تَأْتِ بِهِ رِوَايَةٌ ولا سَماعٌ ، ومع ذلك هو غيرُ مُوافقٍ لقصَّة سيِّدنا سُليمانَ عليه السلام ، لأنَّه لم يكن مُعْتَمِداً على قَوْس ، وإنَّما كانَ معتمداً على العَصا ، انتهى المقصودُ من كلام البطليوسي ، وهو منقوضٌ بما تقدَّم ، فتأَمَّلْ . والنَّسْءُ بالفتح مهموزاً : الشَّرابُ المُزيلُ للعقلِ ، قال عُروة بن الوَرْدِ العَبْسِيُّ : سَقونِي النَّسْءَ ثمَّ تَكَنَّفُونِي * عُدَاةَ اللهِ من كَذِبٍ وَزُورِ وبه فسَّر ابن الأَعرابيّ النَّسْءَ هنا قال : إنَّما سَقوهُ الخَمْرَ ، يُقَوِّي ذلك رواية سيبويه : سَقَوْني الخَمْرَ ، وسيأتي خبر ذلك في ي س ت ع ر واللَّبنُ الرَّقيقُ الكثيرُ الماءِ وفي التهذيب : المَمْذوقُ بالماءِ ، ويقال نَسَأْتُ اللبنَ نَسْأً ونَسَأْتُهُ له ونَسَأْتُهُ إيَّاه : خلطْتُه له بماءٍ ، واسمه النَّسْءُ كالنَّسيءِ مثال فَعيلٍ ، راجع إلى اللبن ، قاله شيخنا ، ولا بُعْدَ إذا كانَ راجعاً إليهما ، بدليل قول صاحبِ اللسان : قال ابن الأَعرابي مرَّةً : هو النِّسيءُ ، بالكسر والمدّ ، وأَنشد : يَقولونَ لا تَشْرَبْ نِسِيئاً فإِنَّهُ * عليكَ إذا ما ذُقْتَهُ لَوَخِيمُ وقال غيره : النَّسيءُ ، بالفتح ، وهو الصواب ، قال : والذي قالَه ابن الأَعرابيّ خطأٌ ، لأنَّ فَعيلاً ليس في الكلام إِلاَّ أَن يكون ثاني الكلمة أحَدَ حُروف الحَلْق . قلت : وستأتي الإشارة إلى مثله في شَهِد ، إن شاءَ الله تعالى . والنَّسْءُ أيضاً : السِّمَنُ أَو بَدْؤُه ، يقال : جرَى النَّسْءُ في الدَّوابِّ ، يعني السِّمَنُ ، قال أبو ذؤيبٍ يصف ظَبْيَةً : بِهِ أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبيعٍ كِلَيْهِما * فقدْ مارَ فيها نَسْؤُها واقتِرارُها أَبَلَتْ : جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عَن الماءِ ومار : جرى والشيء بدء السمن ، واقْترارُها : نِهايَةُ سمَنِهَا عن أَكْلِ اليَبِيسِ . والنَّسْءُ بالتثليثِ : المرأة المَظْنونُ بها الحَمْلُ ، يقال : امرأَة نسءٌ كالنُّسوءِ على فَعُولٍ ، تسمِية بالمصدر ، وقال الزمخشريُّ : ويروى نُسُوءٌ بضم النون ، عن قُطْرُب ، وفي الحديث كانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أَبي العاصِ بنِ الربيع ، فلمَّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أَرسلَها إلى أَبيها ، وهي نَسُوءٌ ، أَي مظنونٌ بها الحملُ . يقال : امرأةٌ نَسوءٌ ونَسْءٌ ، ونسوةٌ نِساءٌ ، أَي تأخَّر حَيْضُها ورُجِيَ حَبَلُها ، وهو من التأْخير ، وقيل : هو بمعنى الزِّيادة ، من نَسَأْتُ اللبنَ إذا جعَلت فيه الماء تُكَثِّرُه به ، والحَمْلُ زيادةٌ ، أَو التي ظَهَرَ بها حَمْلُها ، كأنَّه أُخِذَ من الحديث ، وهو أنَّه صلى الله عليه وسلم دخلَ على أُمِّ عامر بن رَبيعةَ ، وهي نَسُوءٌ ، وفي رواية : نَسْءٌ ، فقال لها : " أَبشِرِي بعبدِ اللهِ خَلَفاً من عبدِ الله " فولَدَتْ غُلاماً فسمَّته عبدَ الله .