نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 261
حُذيفة بن عبدِ بن فُقَيْم نَسَأَ الشهور أربعين سنةً ، وهو الذي أدرك الإسلام منهم ، وكان أوَّل من نَسَأَ قَلَعٌ ، نَسَأَ سبعَ سنين ، ونَسَأَ أميَّةُ إحدى عشرَة سنةً ، وكان أحدهم يقوم فيقول : إنِّي لا أُحاب ولا أُعاب ، ولا يُرَدُّ قولي . ثمَّ يَنْسَأُ الشهورَ ، وهذا قولُ هشام بن الكلبيّ ، وحدَّثني عبد الله بن صالح ، عن أبي كُناسةَ ، عن مشايخه قالوا : كانوا يُحِبُّون أن يكون يومُ صَدَرهم عن الحجِّ في وقت واحد من السنة ، فكانوا يَنْتَسِئُونَه ، والنَّسيءُ : التأخيرُ ، فيؤَخِّرونه في كل سنة أحدَ عشرَ يوماً ، فإذا وقع في عدَّة أيَّام من ذي الحجة جعلوه في العام المُقبِل ، لزيادة أَحدَ عشرَ يوماً من ذي الحجة ، ثمَّ على تلك الأَيَّام ، يفعلون كذلك في أَيَّام السنة كلِّها ، وكانوا يُحرِّمون الشهرينِ اللَّذيْنِ يقع فيهما الحجُّ والشهرُ الذي بعدَهما ، ليُواطِئُوا في النَّسيءِ بذلك عدَّة ما حرَّمَ الله ، وكانوا يحرِّمون رَجَباً كيف وقعَ الأَمرُ ، فيكون في السنة أربعة أَشهُر حُرمٌ ، وقال عمرو بن بُكَيْر : قال المُفضَّل الضَّبِّيّ : يقال لنَسأَةِ الشهورِ : القَلامِسُ ، واحدهم قَلَمَّسٌ ، وهو الرئيس المُعَظَّم ، وكان أوَّلهم حُذيفة ابن عبدِ بن فُقَيْم بن عديِّ بن عامر ابن ثَعلبَةَ بن الحارث بن مالك بن كنانة ، ثمَّ ابنه قَلَعُ بن حُذيفة ، ثمَّ عبَّاد بن قلع ، ثمَّ أُميَّة بن قلع ، ثمَّ عَوف بن أُميَّة ، ثمَّ جُنادة بن أُميَّة بن عوف بن قلعٍ . قال : وكانت خَثْعَم وطَيِّئٌ لا يحرِّمون الأَشهرَ الحُرُمَ ، فيُغيرون فيها ويقاتلون ، فكان من نَسَأَ الشهورَ من الناسِئين يقوم فيقولُ : إنِّي لا أُحاب ولا أُعاب ولا يُرَدُّ ما قَضَيْتُ به ، وإنِّي قد أحللتُ دِماءَ المُحَلِّلين من طَيِّئٍ وخَثْعَم ، فاقْتُلوهم حيث وجَدْتموهم إذا عرضوا لكم ، وأنشدني عبد الله بن صالح لبعض القَلامِس : لقد عِلَمَتْ عُلْيا كِنانَةَ أَنَّنا * إذا الغُصْنُ أَمْسَى مُورِقَ العُودِ أَخْضَرا أَعَزُّهُمْ سِرْباً وأَمْنَعُهمْ حِمًى * وأَكرَمُهمْ في أَوَّلِ الدَّهْرِ عُنْصُرا وحُزْنا لهمْ حَظًّا من الخَيْرِ أَوْفَرَا * وأَنَّا أَرَيْناهُمْ مَناسِكَ دِينِهِمْ وأَنَّ بِنا يُسْتَقْبَلُ الأَمرُ مُقْبِلاً * وإِنْ نحنُ أَدْبَرْنَا عن الأَمْرِ أَدْبَرا وقال بعضُ بني أَسد : لهمْ ناسِئٌ يَمْشُونَ تحتَ لِوائِهِ * يُحِلُّ إذا شاءَ الشُّهُورَ ويُحْرِمُ وقال عُمَير بنُ قيس بن جِذْلِ الطِّعَانِ : أَلَسْنا النَّاسِئِينَ على مَعَدٍّ * شُهُورَ الحِلّ نَجْعَلُها حَرَامَا وأَنسَأَهُ الدَّيْنَ مِثل البَيْعِ [1] : أَخَّره به ، أَي جعلَه له مُؤخَّراً ، كأَنَّه جعلَه له بأَخَرَةٍ ، واسمُ ذلك الدَّيْنِ النَّسيئَةُ ، وفي الحديث " إنَّما الرِّبا في النَّسيئَةِ " هي البَيْعُ إلى أَجل معلومٍ ، يريدُ أَنَّ بيعَ الرِّبِوِيَّاتِ بالتأخيرِ من غير تَقابُضٍ هو الرِّبا وإن كانَ بغير زيادة . قال ابنُ الأَثير : وهذا مذهَبُ ابنِ عبَّاسٍ ، كما يرَى بَيْعَ الرِّبوِيَّاتِ مُتَفاضِلَةً مع التَّقابُضِ جائِزاً ، وأن الرِّبا مَخصوصٌ بالنَّسيئَةِ . واسْتَنْسَأَه : سأَله أن يُنْسِئَه دَيْنَه أَي يؤخِّرَه إلى مدَّةٍ ، أَنشد ثعلبٌ : قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعَةُ للحَيا * وعندَ الحَيا عارٌ عليكَ عَظيمُ وإِنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهوَنُ ضَيْعَةً * من المُخِّ [2] في أَنْقاءِ كلِّ حَليمِ قال : هذا رجلٌ كانَ له على رجلٍ بعيرٌ ، فطلب منه حقَّه ، قال : فأَنْظِرْني حتَّى أُخْصِبَ ، فقال : إِن أَعطَيْتَني اليومَ جَمَلاً مَهزولاً كانَ لك خَيْراً من أن تُعطِيَه إذا أَخصَبَت إِبلُك . وتقول : اسْتَنْسَأْتُه الدَّيْنَ فأَنْسَأَني ونَسَأْتُ عنه دَيْنَهُ : أَخَّرته نَسَاءً بالمدِّ . والمِنْسَأَة كمِكْنَسة ومَرْتَبة بالهمز وبتَرْكِ الهمز فيهما : العَصا العظيمةُ التي تكون مع الرَّاعي ، قال أبو طالبٍ عمُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الهمز : أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ لا أَباكَ ضَرَبْتَهُ * بمِنْسَأَةٍ قدْ جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ [3]
[1] اللسان : وأنسأه الدين والبيع . [2] عن اللسان ، وبالأصل : المنح . [3] في الصحاح روي منصوبا ( أحبلا ) ، وقيل - كما في اللسان - از الصواب قد جاء حبل بأحبل ، ويروى وأحبل بالرفع ، ورواية الأصل - هنا - بتقديم المفعول .
261
نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 261