نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 116
ويحكى ؟ فقال : حسدنى قوم فكذبوا عليّ ، وأساؤا إليّ . فقلت له : على ماذا حسدوك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة ؟ فقال : والآخرة أيها الشيخ ! قلت : إى واللَّه . ثم قلت له : لم تمتنع من أكل اللحم ، ولم تلوم من يأكله ؟ فقال : رحمة للحيوان . قلت : لا ! ولعمرى بل تقول إنه من شره [1] الناس ! إنهم يجدون ما يأكلون ، ويتجزّون [2] به عن اللَّحمان ويتعوّضون . فما تقول في السباع والجوارح التى خلقت لا غذاء لها غير اللَّحوم من النّاس والبهائم والطير ، ودمائها وعظامها ؛ ولا طعام تعتاض به عنها ولا تتجزّى به ، حتى لم يخلص [ من ] ذاك حشرات الأرض ؟ فإن كان الخالق لها الذى نقوله نحن فما أنت بأرأف منه بخلقه ، ولا أحكم منه في تدبيره . وإن كانت الطبائع المحدثة لذاك - على مذهبك - فما أنت بأحذق منها ، ولا أتقن صنعة ، ولا أحكم عملا ، حتى تعطَّلها ، ويكون رأيك وعملك وعقلك أوفى منها وأرجح ، وأنت من إيجادها [3] ، غير محسوس عندها ! فأمسك » . قال غرس النعمة : « وأذكر عند ورود الخبر بموته ، وقد تذاكرنا أمره ، وإظهاره الإلحاد وكفره ، ومعنا غلام يعرف بأبى غالب بن نبهان ، من أهل الخير والسلامة ، والفقه والديانة ، فلما كان من غد يومنا حكى لنا - وقد مضى ذلك الحديث بسمعه عرضا - فقال : أريت البارحة في منامى رجلا شيخا ضريرا ، وعلى عاتقه أفعيان متدلَّيتان إلى فخذيه ، وكل منهما يرفع فمه إلى وجهه ، فيقطع منه لحما يزدرده وهو يصيح ويستغيث ، فقلت : من هذا ؟ - وقد أفزعنى ما رأيت منه ، وروّعنى ما شاهدته عليه - فقيل لى : هذا المعريّ الملحد . فعجبنا من ذلك واستطرفناه بعقب ما تفاوضناه من أمره وتجاريناه » .
[1] في الأصل : « شر » ، وهو بحريف . [2] يتجزون : يكتفون ويستغنون . [3] أى مما أوجدته الطبائع .
116
نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 116