نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 105
الطلب ، فرأيت ليلة في النوم ، كأننى قد حصلت في مسجد كبير ، في شرقيّه صفّة [1] كبيرة ، وفى الصّفة سلّ الحصر مفروش من غير نسج ، وعليه رجل مكفوف سمين متوسّط البياض ، ورأسه مائل إلى جهة كتفه الأيسر ، وهو مستقبل القبلة في جلسته ، وإلى جانبه طفل ، وكأننى فهمت أنّه قائده ، وكأنّنى واقف أسفل الصّفة ، ومعى ناس قليل ، ونحن ننظر إليه ، وهو يتكلَّم بكلام لم أفهم منه شيئا . ثم قال في أثناء كلامه مخاطبا لى : ما الذى يحملك على الوقيعة في دينى ؟ وما يدريك لعل اللَّه غفر لى ؟ ! فخجلت من قوله ، وسألت عنه من إلى جانبى ، فقال لى أحدهم : هذا أبو العلاء المعرّيّ . فابتسمت متعجّبا للرؤيا ، واستغفرت اللَّه لى وله ، ولم أعد إلى الكلام في حقّه إلا بخير . ومرت على ذلك سنون ، فلما كان في سنة خمس وستمائة ، أرسلنى من كنت في صحبته بحلب ، إلى القوم المقيمين في جبل بهراء [2] في حصونهم ، لإصلاح ما بينهم وبين أمير من أمراء الدولة ، يعرف بأحمد بن على بن أحمد ، وكان قد خشى عاديتهم ، فلمّا عدت اجتزت بالمعرّة ، فدخلت للصلاة في جامعها . وعند ما شاهدته رأيته قريبا مما رأيته في المنام ، فأذكرنى من ذلك ما أنسيته على طول المدة ، ونظرت فإذا الصّفّة إلى جانبه الشرقيّ ، وهى قريب مما رأيته ، وإذا فيها رجل عليه هيئة الرّهبان ؛ وبيده قشّ يفتله ، فقصدته وسألته عما يفعله ، فقال : إن هذا الجامع إذا احتاج إلى حصر حصّل له النوّاب هذا البرديّ ، وعلى رهبان الدّير الذين أنا منهم عمل ذلك ، وقد آلت النوبة إليّ ، فحضرت لذلك . فعجبت من أمر الرؤيا ، وقربها مما رأيته من الصحة بعد حين .
[1] الصفة من البنيان : شبه البهو الواسع . [2] بهراء قبيلة ، يضاف إليها هذا الجبل .
105
نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 105