نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 16
القفطيّ في تدبير المملكة ، وفيا بالعهد ، قائما بمصالح الملك ، بعيد الصيت ، مرعيّ الجانب ، إلى أن توفّى سنة 646 ، ودفن بالمقام بحلب . علمه وثقافته : كان القفطيّ أديبا جيدّ الملكة ، وافر المحفوظ ، عالما طويل الباع ، واسع الاطلاع ، غزير المادّة واضح القصد ، مصنفا سديد المنهج جامعا لأشتات الفوائد ، ومنثور المسائل ؛ جال في كل فنّ ، وشارك في كل ناحية من نواحي المعرفة . قال ياقوت : « اجتمعت [1] بخدمته في حلب ، فوجدته جمّ الفضل ، كثير النبل ، عظيم القدر ، سمح الكف ، طلق الوجه ، حلو البشاشة . وكنت ألازم منزله ويحضر أهل الفضل وأرباب العلم ، فما رأيت أحدا فاتحه في فنّ من فنون العلم ، كالنحو واللغة والفقه والحديث وعلم القرآن والأصول والمنطق والرياضة والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل وجميع فنون العلم على الإطلاق ، إلَّا قام به أحسن قيام ، وانتظم في وسط عقدهم أحسن انتظام » . وقد تضافرت ظروف نشأته وحياته ، وتعدّد أسفاره ورحلاته ، واتصاله بشيوخه في حلقات الدرس ، ومناظرته للعلماء والأدباء في مجالس الأدب والعلم ، وعمله في ديوان الإنشاء ، وقراءته الموصولة في الكتب والأسفار على تكوين ذوقه الأدبيّ ، وتمكينه من المعرفة الشاملة ، وذلك المحصول الوافر . كانت أمه بدوية من عرب قضاعة ، فصيحة مطبوعة تحفظ الشعر وترويه ، وكان أبوه على ما عرفناه كاتبا ، من كتّاب ديوان الإنشاء ، فنشأ أديبا صافي الديباجة فتيق اللسان حرّ البيان . وكانت القاهرة حينما ارتحل إليها منهلا للعلم والمعرفة ، وموردا للفنون والآداب ، حافلة بالعلماء ، وقبلة للشعراء والأدباء ، ودور الكتب ميسّرة لكل