الحراق : < شعر > فلما بدت كفّنتها وهي طفلة * بطلساء لم تكمل ذراعا ولا شبرا وقلت له ارفعها إليك وأحيها * بروحك واجعل لها قيتة قدرا وظاهر عليها الشّخت ما اسطعت واستعن * عليها الصّبا واجعل يديك سترا < / شعر > أراد : فلما بدت الشررة كفّنتها ، وهي صغيرة ، بخرقة سوداء ، وهي الطلساء . وأحيها بروحك أي : بنفخك ، واجعل النفخ لها كالقوت ، لا يكن شديدا فيطيرها ولا شديد الضعف فتموت وتخمد . قال أبو بكر : فهذا الذي قاله ابن قتيبة في الآية لا إمام له فيه ، إذ كان المفسرون واللغويون قالوا : الروح الوحي ، ويكسره عليه قول اللَّه تعالى : * ( فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا ) * [1] ، أي : من وحينا . ولا يحسن أن يقال : فنفخنا فيه من نفخنا ، كما لا يقال : قام منه قيامه ، ولا : قعد من قعوده . وفي بيت ذي الرمة ثلاث تأويلات تغني عن تعسف ابن قتيبة وحمله القرآن على ما لا يأثره عن إمام ، أحدهن : واحيها بنفسك ، أي : تول إحياءها أنت ولا تكل أمرها إلى غيرك ، فأقام الروح مقام النفس للمقاربة بينهما ، ولأن العرب لا توقع بينهما افتراقا . والحجة الثانية : أنه أراد : وأحيها بنفخ روحك ، فحذف النفخ وأقام الروح مقامه ، كما قال : * ( وسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) * [2] . والحجة الثالثة : أنه أقام الروح مقام النفس لأنه من الروح تولده فكفى منه كما تكتفي العرب بسبب الشيء من الشيء ، قال الشاعر [3] : < شعر > كأن فاها إذا توسّن من * طيب مشمّ وحسن مبتسم ركَّب في السّام والزبيب أقا * حي كثيب تندى من الرهم < / شعر > السام : عرق المعدن ، واكتفى بالزبيب من الخمر لأنه من سببه . والروح أيضا ملك من الملائكة ، وهو أعظم الملائكة خلقا فيما روى ابن عباس . قال مقاتل بن حيان : الروح ملك وهو من أشرف الملائكة وأقربهم إلى الرب تعالى ، وهو
[1] التحريم 12 . [2] يوسف 82 . [3] النابغة الجعدي ، ديوانه 151 - 52 وفيه : إذا تبسم . وفي ك : في طيب .