فات ، وكل ما هو آت آت . قال هشام : وقد قدم وفود العرب على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم فقال : هل فيكم أحد من إياد ؟ قالوا : لا يا رسول اللَّه ، فقال : كأني أنظر إليه - يعني قسا - بسوق عكاظ على جمل له أحمر يخطب الناس وهو يقول : يا أيها الناس ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت ، أما بعد فإن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا ، نجوم تمور ، وبحار لا تغور ، سقف مرفوع ، ومهاد موضوع ، أقسم قس باللَّه لتطلبنّ من الأمر شحطا ، ولئن كان بعض الأمر رضى ، إن في بعضه لسخطا ، وما هذا بلعب فإن وراء هذا لعجبا ، أقسم قس باللَّه وما أثم ، إن للَّه لدينا هو أرضى من دين نحن عليه ، ما بال الناس يذهبون فلا يرجعون ، أرضوا بالمقامة فأقاموا أم تركوا فناموا ؟ ثم أنشأ يقول : < شعر > في الذاهبين الأولي * ن من القرون لنا بصائر لما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها * تمشي الأكابر والأصاغر لا يرجع الماضي إليّ * ولا من الباقين غابر أيقنت أنّي لا محا * لة حيث صار القوم صائر < / شعر > وقال أيضا : < شعر > يا ناعي الموت والأموات في جدث * عليهم من بقايا بزّهم خرق دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم * كما تنبّه من نوما ته الصّعق حتى يجيئوا بحال غير حالهم * خلق مضى ثم هذا بعد ذا خلقوا منهم عراة وموتى في ثيابهم * منها الجديد ومنها الأورق [1] الخلق < / شعر > قال أبو المنذر هشام : وقال حزم بن أبي راشد : أملّ علي رجل من خراسان مواعظ قس : ( مطر ونبات ، وآباء وأمهات ، وذاهب وآت ، وآيات في إثر آيات ، وأموات بعد أموات ، وسعيد وشقي ، ومحسن ومسيء ، أين الأرباب الفعلة ؟ إن لكل عامل عمله ، بل هو واللَّه واحد ، ليس بمولود ولا والد ، وإليه المآب غدا ، أما بعد ، يا معشر إياد ، فأين ثمود وعاد ؟ وأين الآباء والأجداد ؟ أين الحسن الذي لم يشكر والظلم الذي لم ينكر ؟ كلا ورب الكعبة ليعودنّ ما باد ، ولئن ذهب يوما ليعودنّ يوما ما ) [2] .
[1] الأورق : الذي لونه بين السواد والغبرة . [2] المعمرون 89 .