يعط النساء منه شيئا وإن كانت المرأة يقال لها : كهلة ؛ لشذوذ هذا القول . وكذلك لو قال : أوصي بمالي للشيوخ منهم ، لم يعط العجائز منه شيئا وإن كانت العجوز يقال لها : شيخة ، لأن هذا القول قليل ، والأشهر والأعرف سواه . قال الشاعر : < شعر > فلم أر عاما كان أكثر هالكا * ووجه غلام يشترى وغلامة < / شعر > وقال الآخر : < شعر > وتضحك مني شيخة عبشيمة * كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا < / شعر > وأما البيت الذي أنشده ابن قتيبة فلا حجة له فيه ، لأنه أراد بالأرمل : الذاهب الزاد الفقير ، أي : فمن لحاجة هذا الفقير الذكر . ولا حجة له أيضا في البيت الآخر ، لأن الأرمل ليس من صفة الضب ، إنما هو من صفة الشتاء ، معناه : رعى الربيع والشتاء الأرمل ، أي : المذهب أزواد الناس ، فلما أسقط الألف واللام منه ، نصبه على القطع من الشتاء ؛ لتنكيره وتعريف الشتاء . وقولهم : إن فعلت ما أريد فبها ونعمت وإلا فاستعمل رأيك قال أبو بكر : معنى قولهم : فبها ، فبالوثيقة أخذت ، فكنّى عن الوثيقة ولم يتقدم لها ذكر ؛ لوضوح معناها ، قال اللَّه عز وجل : * ( حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ) * [1] أراد : حتى توارت الشمس ، فكنى عنها ولم يتقدم ذكرها . وقال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم لعلي رضي اللَّه عنه : « إن لك بيتا في الجنة وإنك لذو قرنيها » [2] . أراد : ذو قرني هذه الأمة ، فكنى عن الأمة من غير ذكر تقدم لها . ومعنى الحديث : أن عليا رضي اللَّه عنه ضرب على رأسه في اللَّه عز وجل ضربة بعد ضربة ، الأولى منهما : ضربة عمرو بن ود ، والثانية : ضربة ابن ملجم ، كما ضرب ذو القرنين على رأسه ضربة بعد ضربة . ويقال : معناه : وأنك ذو قرني الجنة ، أي : جانبيها ، وقال طرفة [3] :
[1] سورة ص : آية 32 . [2] غريب الحديث 3 / 78 . [3] ديوانه 26 .