خلقا كثيرا ، وقال أبو ذؤيب [1] : < شعر > منايا يقرّبن الحتوف لأهلها * جهارا ويستمتعن بالأنس الجبل < / شعر > والقول الثالث : أجن اللَّه جباله : أجن اللَّه سادات قومه الذين يعتزّ بهم ويفاخر ، فيكون الجبال : السادات والرؤساء ، والعرب تقول : هؤلاء جبال القوم ، وأنياب القوم ، أي ساداتهم ، وقال جميل [2] : < شعر > رمى اللَّه في عيني بثينة بالقذى * وفي الغرّ من أنيابها بالقوادح < / شعر > فأنيابها : سادتها . ومعني رمى اللَّه في عينيها بالقذى : سبحان اللَّه ! ما أحسن عينها ، من ذلك قولهم : قاتل اللَّه فلانا ما أشجعه ، معناه : سبحان اللَّه ! ما أشجعه . ويقال : هوت أمّ فلان ما أرجله ، معناه : سبحان اللَّه ! ما أرجله ، وقالت الكندية ترثي إخوتها : < شعر > هوت أمّهم ما ذا بهم يوم صرّعوا * ببيسان من أسباب مجد تصرّما أبوا أن يفرّوا والقنا في نحورهم * ولم يرتقوا من خشية الموت سلَّما ولو أنّهم فرّوا لكانوا أعزّة * ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما < / شعر > ومعنى قول جميل : وفي الغر من أنيابها بالقوادح ، أي رمي : اللَّه بالهلاك والفساد في أنياب قومها وساداته ، إذ حالوا بينها وبين زيارتي . ويقال : فلان علم من الجبال ، إذا كان عزيزا ، وعزّ فلان يزحم الجبال . قال مسلم بن الوليد يرثي ذا الرياستين : < شعر > ذهلت فلم أمتع عليك بعبرة * وأكبرت أن ألقى بيومك ناعيا فلمّا رأينا أنّه لا عج الأسّى * وأن ليس إلَّا الدمع للحزن شافيا بعثت لك الأنواح فارتج بينها * نوادب يندبن العلى والمساعيا أللبأس أم للجود أم لمقاوم * من العزّ يزحمن الجبال الرواسيا فلم أر إلَّا قبل يومك ضاحكا * ولم أر إلَّا بعد يومك باكيا < / شعر >
[1] ديوان الهذليين 1 / 38 . [2] ديوانه 53 . وجميل بن معمر العذري : صاحب بثينة ، أموي . ( الشعر والشعراء 434 ، الأغاني 8 / 90 ، الخزانة 1 / 190 ) .