ذلك قوله تعالى : * ( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) * [1] ، معناه : ليكونوا علماء به . وقولهم : رجل حكيم قال أبو بكر : فيه ثلاثة أقوال ؛ حكى لنا أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : الحكيم : المتيقظ ، المتنبه ، العالم ، واحتج بقول بشر بن أبي خازم [2] : < شعر > تناهيت عن ذكر الصبابة فاحكم * وما طربي ذكرا لرسم بسمسم < / شعر > معناه : فتنبه وتيقظ . قال آخرون : الحكيم معناه في كلام العرب : المتقن للعلم ، الحافظ له ، من قول العرب : قد أحكمت الأمر والعلم إذا أتقنته ، قالوا : فأصل الحكيم : المحكم ، فصرف عن مفعل إلى فعيل ، كما قال عمرو بن معدي كرب [3] : < شعر > أمن ريحانة الداعي السّميع * يؤرّقني وأصحابي هجوع < / شعر > معناه : المسمع . وقال آخرون : الحكيم معناه في كلام العرب : الذي يردّ نفسه ويمنعها من هواها ، أخذ من قولهم : قد أحكمت الرجل ، إذا رددته عن رأيه . قال أبو بكر : حكاه لنا أبو العباس عن ابن الأعرابي ، قال : ويقال : يا فلان احكم بعضهم عن بعض ، أي : ردّ بعضهم عن بعض ، وقال : إنما سميت حكمة الفرس : حكمة ، لأنها ترد من غربه . ويقال : حكم الرجل يحكم ، إذا تناهى وعقل ، وإنما قيل للقاضي : حاكم وحكم ، لعقله وكمال أمره . أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي للمرقش [4] : < شعر > يأتي الشباب الأقورين ولا * تغبط أخاك أن يقال حكم < / شعر > معناه : لا تغبطه أن يطول عمره ، فإن الهرم كالموت . قال حميد بن ثور [5] :
[1] سورة التوبة : آية 122 . [2] ديوانه ، ص 192 . [3] ديوانه ، ص 128 . [4] البيت في شعره : 887 . [5] غير موجود في ديوانه .