ويقال : أما بعد فأطال اللَّه بقاءك ، إنه كان كذا وكذا ، وأما بعد أطال اللَّه بقاءك فإنه كان كذا وكذا . فمن أدخل الفاء على أطال ، قال : أطال ابتداء الكلام فدخلت الفاء عليه كما تدخل على خبر الاسم الملاصق لأمّا . ومن تخطَّى بالفاء أطال فأدخلها على إن ، قال : ( إنّ ) ابتداء الخبر ، وأطال اللَّه بقاءك دعاء معترض بمنزلة الملغى المؤخّر . وقولهم : فلان من أهل المربد قال أبو بكر : المربد معناه في كلام العرب محبس الإبل والغنم وغيرها ، من ذلك مربد المدينة سمي مربدا لأنه كان محبسا للغنم . والمربد بالبصرة سمي مربدا ؛ لأنه كان سوقا للإبل . ومنه حديث النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم : « أنه تيمّم بمربد الغنم وهو يرى بيوت المدينة » [1] . ومنه الحديث الآخر : « أن مسجده صلَّى اللَّه عليه وسلم كان مربدا ليتيمين كانا في حجر معاذ بن عفراء فاشتراه معوذ بن عفراء فجعله للمسلمين فبناه رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم مسجدا » [2] . ومنه الحديث الآخر : « أنه صلَّى اللَّه عليه وسلم كان له مربد يحبس فيه » [3] . وربما جعلت العرب العصا التي تجعل في باب محبس الإبل معترضة ؛ مربدا . من ذلك قول الشاعر [4] : < شعر > عواصي إلا ما جعلت وراءها * عصا مربد تغشى نحورا وأذرعا < / شعر > قال أبو عبيدة [5] : عنى هذا الشاعر إبلا تحبسها العصا فهي المربد . ورد ابن قتيبة عليه قوله وقال : العصا ليست مربدا وإنما هي عصا في المربد وقول أبي عبيد هو الحق لأنه أخبر أنها تعصى حفاظها فلا يردها إلا العصا ، فلما انفردت العصا بحبسها كانت هي المربد لها . ولأبي عبيد حجتان واضحتان في البيت : أحداهما أنه أضاف العصا إلى المربد ، وهي المربد ، كما قالت العرب : حبة الخضراء ، والحبة هي الخضراء ، وكما قالوا : ليلة القمراء ودين القيّمة . والحجة الأخرى : أن العصا تسمى مربدا لأنها من سبب المربد ، كما سموا موضع الدابة آريّا : لأنه من سبب الآري ، والآري في الحقيقة : هو الحبل الذي
[1] النهاية 2 / 182 وفيه « أنه تيمم بمربد النعم » . [2] غريب الحديث 1 / 246 . [3] لم أقف عليه . [4] سويد بن كراع في شعره : 155 . [5] غريب الحديث 1 / 247 .