ويقال : قد عفّرت الوحشية ولدها ، إذا أرادت فطامه ، فقطعت عنه الرضاع يوما أو يومين ، ثم أشفقت عليه ، فردّته إلى الرضاع ، ثم قطعته عنه ، تفعل به ذلك مرّات حتى يستمر ، قال لبيد [1] : < شعر > لمعفّر قهد تنازع شلوه * غبس كواسب لا يمنّ طعامها < / شعر > فالمعفر : هو الذي قدمنا تفسيره . والقهد : يقال : هو اللطيف ، ويقال : هو من ضرب من الضأن تصغر آذانهنّ وتعلوهنّ حمرة . والغبس : كلاب صفر يعلو صفرتهن سواد ، ومن المعنى الأول قول أبي هريرة : لدم عفراء في الأضاحي أحبّ إلى من دم سوداوين . ويقال : ظباء عفر إذا لم تكن خالصة البياض ، تشبه ألوانها لون التراب . وقولهم : قد غادرته في الموضع قال أبو بكر : معناه : قد تركته وخلَّفته ، وكذلك أغدرته ، قال اللَّه جل اسمه : * ( ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً ) * [2] . وفي بعض المصاحف : لا يغدر صغيرة ولا كبيرة ، ومعناهما واحد . جاء في الحديث : أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم « ذكر قوما غزوا فقتلوا فقال : ليتني غودرت مع أصحاب نحص الجبل » [3] . أي : ليتني تركت معهم شهيدا ، والنحص : أصل الجبل وسفحه . وقال أبو محمد الفقعسي : أنشدناه أبو العباس عن ابن الأعرابي : < شعر > هل لك والعارض منك عائض * والحبّ قد تعرضه العوارض في هجمة يغدر منها القابض < / شعر > أي : يترك منها لكثرتها ، وأنه لا يضبطها ولا يطيق جميعها . والقابض : الذي يقبض
[1] ديوانه 308 . ولا يمن : لا ينقض . وكواسب : تتعيش من الصيد . [2] سورة الكهف : آية 49 . ورسمت : مال هذا ، بقطع لام الجر في المصحف الشريف ( ينظر : المقنع في معرفة مرسوم مصاحف الأمصار 75 وشرح تلخيص الفوائد 94 ) . وقال المهدوي في هجاء مصاحف الأمصار 85 : ( ومن ذلك لام الجر ، هي مقطوعة من المجرور في أربعة مواضع : في سورة النساء : آية 78 : فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ . وفي سورة الفرقان : آية 7 : ما لِهذَا الرَّسُولِ ، وفي المعارج 36 : فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا . [3] غريب الحديث 2 / 198 . النهاية 3 / 344 .