يفعل الرجل فعلة يستحيي منها ، وينكسر لها ، ويذل من أجلها . قال ذو الرمة [1] : < شعر > خزاية أدركته عند جولته * من يابس الطرف مخلوطا بها غضب < / شعر > يقال : خزي يخزى خزاية ، إذا استحيا ، وخزي يخزى خزيا ، إذا انكسر وهلك وذل . وقولهم : لا جرم أنك محسن قال أبو بكر : قال الفراء : كان الأصل في لا جرم : لابد ولا محالة ، ثم كثر استعمال العرب لها حتى جعلوها بمنزلة قولهم : حقا ، فصاروا يقولون : لا جرم أنك محسن ، على معنى : حقا أنك محسن ، وأجابوها بجوابات الأيمان ، فقالوا : لا جرم لأحسن إليك ، ولا جرم لا أحسن إليك ، ولا جرم ما أحسن إليك . قال اللَّه عز وجل : * ( لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ ) * [2] ، فمعناه : حقا أن لهم النار . وقال بعض النحويين : ( لا ) ردّ لكلام . ومعنى جرم : كسب ، قال اللَّه عز وجل : * ( ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ) * [3] ، معناه : ولا يحملنكم بغض قوم ولا يكسبنكم . قال الشاعر : < شعر > نصبنا رأسه في رأس جذع * بما جرمت يداه وما اعتدينا [4] < / شعر > معناه : بما كسبت . وأنشد الفراء : < شعر > يأيها المشتكي عكلا وما جرمت * إلى القبائل من قتل وإبآس [5] < / شعر > وقال بعض النحويين : معنى جرم : حق ، من قولهم : جرمت إذا حققت . قال الشاعر [6] : < شعر > ولقد طعنت أبا عيينة طعنة * جرمت فزازة بعدها أن يغضبوا < / شعر >
[1] ديوانه 103 . [2] سورة النحل : آية 62 . [3] سورة المائدة : آية 8 . [4] القرطبي 9 / 20 ، والبحر المحيط 5 / 213 بلا عزو . [5] لم أقف عليه . [6] لأبي أسماء بن الضريبة ، أو لعطية بن عفيف ، كما في مجاز القرآن 1 / 358 ، وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافي 2 / 134 ، والاقتضاب 313 .