الشاعر يصف ليلا : < شعر > حتى بدت قمراؤه وتمحّصت * ظلماؤه ورأى الطريق المبصرا [1] < / شعر > فمعناه : وانكشفت ظلماؤه . وقال آخرون : اللهم محص عنا ذنوبنا ، معناه : اللهم اطرح ما تعلق بنا من الذنوب ، قالوا : وهو مأخوذ من قول العرب : قد محص الحبل يمحص محصا ، إذا ذهب وبره . ويقال : حبل محص وأملص بمعنى . ويقال : قد محص الظي يمحص ، وفحص يفحص ، إذا عدا عدوا شديدا لا يخالطه فيه وني ولا فتور . وقولهم : اللهم اغفر لنا ذنوبنا قال أبو بكر : قال قطرب محمد بن المستنير : معناه اللهم غط علينا ذنوبنا ، قال : وهو مأخوذ من قول العرب : قد غفرت المتاع في الوعاء أغفره غفرا ، ويقال : اغفر متاعك في الوعاء ، أي : غطه فيه . قال أبو بكر : وسمعت أبا العباس يقول : تقول العرب : قد غفر الرجل في مرضه يغفر غفرا ، إذا نكس في مرضه ، فكأن المرض غطَّى عليه ، واحتج بقول الشاعر [2] : < شعر > خليليّ إنّ الدار غفر لذي الهوى * كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم < / شعر > ومن ذلك قوله عز وجل : * ( واسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ) * [3] ، معناه : سلوا ربكم أن يغطي عليكم ذنوبكم . ومن ذلك قوله : * ( أَنِ اعْبُدُوا الله واتَّقُوه وأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ) * [4] ، معناه : يغطي عليكم ذنوبكم . قال الكسائي [5] وهشام [6] وغيرهما : ( من ) في هذا الموضع زائدة ، وذهبوا إلى أنها مؤكدة للكلام ، والمعنى : يغفر لكم ذنوبكم . وقالوا : هو بمنزلة قوله : * ( ولَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ) * [7] ، واحتجوا
[1] البيت في الفاخر ، دون نسبة ، ص 135 . [2] هو المرار الفقعسي ، شعره : ص 176 . [3] سورة هود : آية 90 . [4] سورة نوح : الآتيان 3 - 4 . [5] علي بن حمزة ، إمام أهل الكوفة في النحو ، وأحد القراء السبعة ، توفي 189 ه . [6] هشام بن معاوية الضرير ، أخذ عن الكسائي ، توفي سنة 209 ه . [7] سورة محمد : آية 15 .