responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 55


بين السّماوات تقاربا ، وتباعدا ، وأن التي هي فوق هذه ليست بالدّنيا منه ، قوله تعالى : * ( ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ) * [ سورة الملك ، الآية : 3 ] وقرئ من تفوت أي بنى ما خلقه على حكمه فلا يفوت بعضه بعضا ولكنه يتعادل ، وفي هذا المعنى قالوا : وجه مقسم إذا كان الحسن مقسوما فيه فأعطى كل جزء نصيبه منه حتى لا استبداد فيه ، وقالوا : ما أحسن قسمة وجهه وهذا بخلاف ما ذكرناه في تفسير المتفاوت لأنّ المتفاوت ما يزيد على الاعتدال ، أو يخرج عن القدر الملائم بالانتقاص ، وذلك ضد التقدير وقوله تعالى : * ( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ) * [ سورة الملك ، الآية : 3 ] المراد به أيّها الإنسان قد أعطيت من الآلات ، ورتّب في عقلك وتحصيلك من البّينات ما تدرك به حينا ، أو تقديرا تراكيب الأشياء وسلامتها مما يشينها إذ دخولها فيما يجتذب وجوه الفساد إليها ، فتأمّل ما صنعه اللَّه واخترعه في هذا الخلق العظيم واقتف آثاره فيها ، وردّد طرفك وعقلك في ظواهرها وبواطنها ومفرداتها ؛ ومركباتها وتأمّل بعد تقصّي وسمك واستفراغ جهدك ، ورد المجمل على المفصّل والمشاع على المقسوم ، هل تجد فيه خللا ، أو هل تتبيّن فيه عيبا ؟ وقوله تعالى : * ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً ) * [ سورة الملك ، الآية : 4 ] بعث على الكشف والبحث وتأكيد في المبالغة فيهما وإنّما قال هذا لما يعتقده العرب من أنّ النظرة الأولى حمقاء فينبغي أن لا يكتفى بها في المزاولات ، والتتبّع في المستكشفات حتى أنّ بعضهم قال في صفة امرأة شعرا :
< شعر > لها النظرة الأولى عليهم وبسطة * وإن كرّت الأبصار كان لها العقب < / شعر > يقول لهذه المرأة ، على من يستقري محاسنها النّظرة الأولى ، فإن لم يقنعهم ذلك ، فأخذوا يستنبطون في المعاودة ، ويحيلون الطَّرف في العين والأثر كان لها البسطة أيضا ، فإن أبوا إلَّا أن يكرروا الأبصار ، وردّدوا النّظر حالا بعد حال كان لها العقب ، وهو ما يسلم على التّعاقب من أواخر البحث فقوله تعالى : * ( كَرَّتَيْنِ ) * تأكيد على ما ذكرناه ، وحكي لي عن بعض أهل النظر أنه قال : إنّ اللَّه تعالى أمر بكر البصر ثلاث مرات لأنه قال : ارجع البصر ، ثم * ( ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) * ، وهذا الذي ذكره وعوّل عليه من ذكر الكرّتين لا يحصل له المراد ، بل يفسد عليه ما اعتمده لأنّه قال تعالى : * ( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ) * [ سورة الملك ، الآية : 3 ] وهذا لا يقتضي إلَّا مرة واحدة ، وقال من بعد : * ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) * [ سورة الملك ، الآية : 4 ] ، ولو اقتصر الكلام على فارجع البصر ، ولم يأت بذكر المرّتين لكان للسامع أن يتجاوز إلى ما فوقها من الكرّات لأنّ ثم لا يقتضي الحصر ، ولا يوجب الوقوف .
فلما قال : كرّتين علم أنه أكَّد به ما ذكر من الرّجعتين على أنّ قوله تعالى : * ( فَارْجِعِ الْبَصَرَ ) * ليس قبله فعل مذكور فيكون الرّجوع عن ذلك الفعل لأنه قال تعالى : * ( ما تَرى فِي

55

نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست